علي عدنان محمد: باحث ومتابع للشأن السياسي
تُعدُّ الدعاية السياسية من أدوات مدّ جسور التواصل السياسي بين الأحزاب والحركات السياسية من جهة والجمهور من جهة أخرى، ومن هنا تسعى الأحزاب والحركات السياسية للوصول إلى أكبر قدر ممكن من الجماهير بواسطة دعاياتها، وتستثمر في ذلك جميع الإمكانيات المتاحة، ولمَّا أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية والسياسية، صار «الإنترنت» عموماً ووسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً نافذةً من نوافذ الدعاية السياسية، واستثمرتِ الأحزاب السياسية كثيراً من مواردها البشرية والمالية في بثِّ دعاياتها السياسية عن طريق «الإنترنت».
فَرَضَ هذا الواقع نفسه على الدول وحكوماتها، في حين كانت كثير من الحكومات غير مهيئة للتعامل مع هذا الواقع، وهذا تماماً ما حدث في العراق، إذِ استخدمتِ الأحزاب والحركات السياسية «الإنترنت» ومواقع التواصل الاجتماعي في دعايتها السياسية في ظل غياب القوانين والسياسيات التي تحدِّد استخدام الإنترنت في الدعاية السياسية كما هو الحال في الدعايات التقليدية، ولكن الطبيعة الديمقراطية للدولة العراقية تفرض عليها التكيُّف مع هذا الواقع، وإيجاد الوسائل اللازمة لضبط إيقاع هذا النمط الحديث من الدعاية بما يتناسب مع القيم الديمقراطية التي تبنتها الدولة وعلى رأسها (الشفافية والمساءَلة).
ربَّما كان الحدث الأبرز الذي كشف لنا الحاجة الماسة  للتكيُّف مع الواقع التكنولوجي للدعاية السياسية هي الانتخابات العراقية الأخيرة، إذِ استخدمت فيها الأحزاب والحركات السياسية وسائل التواصل الاجتماعي في الدعاية والترويج للمرشحين، إذ لم تكن هذه الاستراتيجية في العراق جديدة للعالم، بل سبقت كثير من الدول المتطورة العراق في ذلك، ممَّا دعا عملاق التواصل الاجتماعي شركة (فيسبوك) لطرح المكتبة الخاصة بالإعلانات في موقعها، وتشير مكتبة الإعلانات إلى أنَّ النفقات المصروفة على الدعايات (السياسية، والانتخابية، والاجتماعية) في العراق بلغت (719.096) دولار أمريكي منذ «أغسطس» 2021 ولغاية السادس من «يناير» 2022 وبواقع (50.315) إعلان ترويجيّ.
في الحقيقة، إنَّ هذا الإنفاق على الدعاية السياسية هو حق مشروع للأحزاب السياسية ومن المفترَض أنَّه قابل للزيادة في الأيام المقبلة، إلا أنَّ إخضاع هذه النفقات إلى سياق معيَّن من الشفافية ضروري لتوفير الحماية لحقِّ الأحزاب السياسية في الإنفاق، وحق الجمهور في معرفة مصادر هذه الأموال، وحق المؤسسات الرقابية في المساءلة.

لقراءة المزيد اضغط هنا