مهند أحمد فرج / كلية الإمام الكاظم الإسلامية
تُشيرُ علامات عدَّة إلى أنَّ نظام الطاقة العالمي قد بدأ عملية تحوُّلٍ من الاعتماد الكلي على مصادر الطاقة الأُحفورية، وخاصة الفحم والنفط والغاز الطبيعي إلى عصر جديد يكون فيه لمصادر الطاقة النظيفة أثر مهم في تلبية الاحتياجات المتزايدة للطلب على الطاقة، وهناك عوامل عِدَّة عزَّزت هذا التحوُّل، أي: إنَّ الوقت اللازم لتنفيذ تقانات أنظمة الطاقة المتجددة هو عامل مؤثر في نظام الطلب العالمي على الطاقة، فضلاً عن حجم التلوُّث البيئي، والتغيرات المناخية؛ بسبب الاستخدام المفرط للوقود الأُحفوري، وحجم احتياطيات الوقود الأُحفوري وكمية الإضافات الجديدة، ومقدار الدعم والتمويل الخاص بمصادر الطاقة المتجددة، وكذلك العوامل السياسية المتعلقة بمفهوم أمن الطاقة، وخصوصاً اقتصاديات الدول الصناعية الكبرى، ويبدو أنَّ مستقبل الطاقة الناضبة أصبح غامضاً على نحوٍ متزايد، ممَّا أدَّى إلى تزايد الاهتمام بدراسة موضوع الطاقة المتجددة فقد شكَّلت مصادر الطاقة المتجددة من الرياح والمياه والطاقة الشمسية قدراً كبيراً من مصادر توليد الطاقة الكهربائية، فقد أصبحت محطات توليد الكهرباء من الرياح في كلٍّ من ألمانيا وبريطانيا أقل كلفة من الفحم والغاز، ويبدو أنَّ الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة له تأثير في تخفيض انبعاثات «ثاني أوكسيد الكاربون»، وقد تبلورت فكرة تأمين امدادات ثابتة وآمنة من الطاقة وبأسعار معقولة، فضلاً عن التغييرات السريعة التي حدثت في الاقتصادات الحديثة والطاقة التي تحتاجها من أجل تلبية متطلبات العملية الصناعية.
وتكمن أهمية موضع الطاقة إلى اقتصاديات الموارد الطبيعية وخصوصاً الاقتصاد العراقي في أنَّه اقتصاد أحادي الجانب، إذ باتتِ اقتصاديات الطاقة المتجددة اليوم من أهم المجالات المطروحة في القرن الواحد والعشرين؛ ولأسباب اقتصادية وبيئية، إذ يمثِّل الاستثمار فيه بعداً اقتصادياً، ولم يُعدِ الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة ترفاً أو رفاهيةً بل أصبح حاجة لا بدَّ منها، فضلاً عن الطلب العالمي المتزايد على الطاقة النظيفة ممَّا يتطلَّب استخدامها بوصفها بديلاً عن الطاقة الناضبة عاجلاً أم آجلاً. وتبرز مشكلة التحولات في أسعار الطاقة مع وجود مصادر الطاقة التقليدية في البلدان النامية ومنها العراق وخصوصاً النفط الخام ممَّا يجعل كلفته أرخص قياساً بمصادر الطاقة المتجددة، إلا أنَّ هذه المصادر قابلة للنضوب؛ بسبب استنزافها، فضلاً عن المخاطر الصحية والبيئية، ويتضحُ عن طريق هذه المشكلة عديدٌ من التساؤلات عن مستقبل الطاقة النظيفة في الاقتصاد العالمي وأثرها، ومآلات آليات أسواق الطاقة العالمية بعد رفع أسهم الاستثمارات في الطاقات البديلة، ووضع القيود أمام الاستهلاك في الطاقات التقليدية، والمهم أن نعرف هنا عن دور العراق أمام هذه الخارطة الجديدة، والدور الذي سيحمله، أو ما المكاسب والأبعاد التي سيتلقاها العراق من التحولات في سياسات الطاقة في العالم في الأمد المنظور؟! وهو ما يهدِّد المكانة المتميزة التي حظيت بها الدول المصدِّرة للنفط والغاز ومنها العراق، وقــد تتجــه أســواق الطاقــة العالميــة نحــو أبــرز تغييــر طويــل الأمــد تشــهده منــذ أن حــلَّ النفــط مــكان الفحــم بوصفه مصــدراً أساســياً للطاقــة فــي جميــع أنحــاء العالــم.

لقراءة المزيد اضغط هنا