مضى 17 عشر عاماً على النظام الديمقراطي الذي حكم العراق بعد سقوط الدكتاتورية، وقد سجَّلت هذه الأعوام السبعة عشر مكامن خلل وأخطاء على الأصعدة جميعها، ومن أكثر ما يميز الأنظمة الديمقراطية في العالم أنَّها تتمتَّع بمرونة تجاه الإصلاحات، ممَّا يجعلها قابلة على التأقلم مع ظروف دول وثقافات مختلفة، الأمر الذي يشجعنا على المطالبة بإصلاح الأخطاء التي عانى وما زال يعاني منها النظام الديمقراطي في العراق، سواءً على الصعيد السياسي أم الاجتماعي أم الإداري، وقد ركزتُ جهودي على دراسة النظام القانوني للتعاقد العام في مؤسسات الدولة العراقية، إذ إنَّ هذا النظام هو أحد مخرجات الديمقراطية وقد سجلتُ العديد من الأخطاء فيه على مدار الأعوام الماضية، ممَّا يشجعني أيضاً على دراسة هذا الجانب؛ لأنَّه من الأعمدة الرئيسة في محاربة الفساد الإداري والمالي الذي تعاني منه الدولة العراقية.
عانى نظام التعاقد العام في العراق من الإرباك والفوضى على مدى السنوات السابقة، على الرغم من التنظيم اليسير الذي يخضع له هذا النظام على المستوى القانوني والمؤسسي، إذ يقوم النظام تشريعياً على أمر سلطة الائتلاف المنحلة المرقم (87) لسنة 2004 والمتكون من (16) مادة تنظِّم آلية التعاقد في مؤسسات الدولة العراقية وفقاً لمعايير الشفافية والمساواة والمنافسة العادلة والمعلنة وغيرها من أسس ومبادئ التجارة الحرة العالمية، وقد أسَّس هذا التشريع لإنشاء دوائر العقود في مؤسسات القطاع العام والشركات العامة، ثم خوَّلها مسؤولية إرساء وتوقيع العقود والدخول فيها أو تعديلها، ويكونُ ذلك بإشراف دائرة استحدثها هذا التشريع وهي دائرة (العقود الحكومية) في وزارة التخطيط والتي أصدرت تعليمات تخص العقود الحكومية رقم (1) لسنة 2008، ورقم (2) لسنة 2014، إلا أنَّ النظام التعاقدي على الرغم من ذلك ما زال يعاني من التشظي والإرباك والفوضى.

لقراءة المزيد اضغط هنا