سعيد حجاريان

بعد الثورة الإسلامية تربع رؤساء الجمهورية كافة على عرش السلطة، وأتموا ولايتين استمرتا أربع سنوات، فيما عدا استثناءين اثنين، فلم ينه أبو الحسن بني صدر ولايته بسبب عدم كفاءته ومغادرته البلاد، ومحمد علي رجائي الذي فارق الحياة (اغتيل في 30 اغسطس عام 1981) أثناء ممارسته هذه المسؤولية.

في أمريكا أيضاً ثمة دورات قليلة بقي فيها رؤساء الجمهورية لولاية رئاسية واحدة، أشخاص مثل جورج بوش، وكلينتون، وترامب، أتوقع أنه من الصعب أن يصل الرئيس الإيراني القادم إلى الدورة الثانية. ولدي بعض المؤشرات في هذا المجال سأتطرق إليها أدناه.

أولاً: ربما في السنوات المقبلة ستتعالى الأصوات المطالبة بنظام برلماني ومع تغيير الدستور سيتم إلغاء منصب رئيس الجمهورية كلياً، وسيحل محله النظام البرلماني.

لكن الأهم من ذلك إذا امتلك رؤساء الجمهورية السابقين رصيداً وقوة تساعدهم للوصول إلى الدور الثاني من الانتخابات ليحصلوا على أصوات الناس مرة أخرى.

على سبيل المثال، حظي آية الله الخامنئي بدعم السيد الخمیني، وبعد ذلك حالت الحرب دون استقالة الأشخاص، وكان الخميني في الأساس ضد استقالة المسؤولين. مثلاً بما يتعلق بموضوع استقالة المهندس مير حسين موسوي، نتذكر أن الخميني احتج بشدة. في الحقيقة بناءً على هذا المنطق ودعم الإمام تمكن رئيس الجمهورية آية الله الخامنئي من البقاء لولايتين اثنتين ولو ربما لم يكن راغباً في أن يصبح مرشحاً لولاية ثانية لأنه كان يعتقد أن رئيس الجمهورية لا يملك أية سلطة وصلاحيات.

حافظ آية الله هاشمي رفسنجاني على شعبيته أيضاً، أولاً بسبب فكرة البناء، وثانياً بسبب فريقه الحكومي، وثالثاً بسبب أنشطته العمرانية. على الرغم من أنه في الدور الثاني تحول السيد توكلي إلى منافس جدي له وتمكن من الحصول على 6 ملايين صوت، لكن في نهاية المطاف بقي في السلطة.

السيد محمد خاتمي أيضاً بسبب أصالته وطبعه وسجاياه وثانياً بسبب أداء الحكومة المتميز تمكن من حصد أصوات في الدور الثاني أكثر من الدور الأول للانتخابات وكان سجله في مجال الاقتصاد كما في السابق متألقاً. فضلاً عن أنه ابتدع في الأدب السياسي للدولة مفاهيم من قبيل المجتمع المدني، حوار الحضارات، الديمقراطية وأدواتها. هذا يعني أن مزيجاً من التنظيم والخطاب والقوة والقصور الذاتي الأولي استمر لمدة 8 سنوات.

تمكن السيد محمود أحمدي نجاد أيضاً بفضل العائدات النفطية الضخمة من كسب رضا طبقات عديدة من الشعب. وقيامه بخداع الناس فضلاً عن عائدات النفط المجانية وكذلك ثقته بنفسه العالية صنعت منه شخصية تحظى بشعبية بين الطبقات المهمشة ولاسيما في المدن المتوسطة والصغيرة، ومع أنه واجه خلال انتخابات الدورة الثانية تحديات لكن مع ذلك تمكن من الفوز بولايتين اثنتين.

شغل السيد حسن روحاني منذ بداية الثورة مناصب مهمة وكان نائباً في البرلمان لعدة دورات متتالية، تواجده في الحرب والقضايا المرتبطة بالقرار، رئاسة المجلس الأعلى للأمن القومي، الإشراف على مفاوضات سعد آباد و… صنعت منه شخصية تشبه المرحوم هاشمي رفسنجاني الذي كان لديه فريق للمفاوضات الخارجية. ويتعين القول أن الاتفاق النووي شكل أهم عامل لفوزه في الجولتين الأولى والثانية والتربع على عرش الرئاسة والاحتفاظ بها.

لكن سنة 2021 من سيأتي إلى الساحة ويصبح خليفة لروحاني سيفقد المزايا النسبية من قبيل دعم المرشد (حكومة آية الله الخامئني)، فريق البناء (حكومة آية الله رفسنجاني)، الخطاب (حكومة السيد خاتمي)، الثروة المجانية (حكومة السيد أحمدي نجاد) والفريق المفاوض (حكومة السيد روحاني)، بناءً عليه بكل تأكيد سنشاهد شخصاً يمتلك قوة أضعف من قوة كل رؤساء الجمهورية.

كان رؤساء الجمهورية السابقون من الجيل الأول للثورة، لكن رئيس الجمهورية المقبل من المحتمل أنه سيكون من صفوف الشباب، شخص لم يشهد الثورة ويفتقد للتجربة والفريق ورأس المال. سيسير رئيس الجمهورية هذا على خطى رئيس مجلس الشورى الثوري الحالي (محمد باقر قاليباف)؛ لأننا نشاهد حالياً أن ثمة رغبة كبيرة لبقاء هذا المجلس الثوري معطلاً كما كان، وأن تجري الأمور بعقد اجتماعات لعدد من الأشخاص أو تسير الأمور بعقد اجتماعات غير علنية وكأنهم يسعون إلى إخفاء الموضوع البائن كعين الشمس. لأنه بمجرد تشغيل مفتاح المذياع و بث كلمات نواب البرلمان، سيتدفق سيل عارم من الأخطاء والخطابات الرنانة لدرجة أن حتى رئيس المجلس الثوري سيفتتح الاجتماعات “بتلاوة عدد من كلام الله المجيد” ويتجاهل كلمة “آيات”!

بمعزل عن ذلك، فإن سوابق الشخصيات التي من المحتمل أن يتولوا منصب رئيس الجمهورية، ليست ذات قيمة كبيرة، سواء من الناحية السياسية والاقتصادية وكذلك ستشكل عاملاً للسخرية منهم من قبل الناس.

المقصود أن من يسعى ليصبح رئيس جمهورية، فبأي رصيد يمتلكه يريد أن يتسلم زمام السلطة؟

فليس ثمة خطاب ولا حزب ولا مجموعة تكنوقراط-بيروقراط ولا دعم شعبي؛ فضلاً عن ذلك نحن الآن في ظل ظروف من المستبعد أن تراهن قيادة الثورة الإسلامية على شخص، ناهيك عن موضوع جائحة كورونا والمواطنين البائسين والبطالة والعيش في ظل العقوبات و…!

بهذا الوصف، أعتقد أن رئيس الجمهورية المقبل سيجعل أوضاع البلاد أكثر اضطراباً، وسيصبح وضع الناس أسوء من السابق، وسوف يواجه بشكل لا مفر منه أنواع عديدة من سخط الناس وعدم رضاهم وسوف يعيش أربعة سنوات مليئة بالاضطراب حتى تحين اللحظة ويحزم حقائبه مستعداً للرحيل. لذلك أقترح على الشخص الذي سيأتي ألا يزيد الأوضاع سوءاً ولا يقلب لجهاز الإداري رأساً على عقب.

كما نلاحظ في أمريكا التي يزيد تعداد سكانها عن 300 مليون شخص فمع تغيير الحكومة لا يقومون سوى بتغيير 4 آلاف شخص فقط؛ القوى المعروفة وطبعاً بعد الحصول على أصوات مجلس الشيوخ الأمريكي. لكن، في إيران شهدنا حجم التغيير الحاصل في رموز البلديات ومجلس الشورى والحكومة الثورية أو أولئك الذين تم فرضهم على النظام على نطاق واسع.

المصدر: موقع تابناك  www.tabnak.ir/004HAV