يعد التداول السلمي للسلطة أبرز معايير النظام الديمقراطي ومنجزاته، ويقاس استقرار النظام السياسي بمدى سلاسة هذا التداول المتحقّق بآليات الانتخاب، وتتعقّد هذه السلاسة في المراحل الانتقالية ولاسيما في الدول الخارجة من حقب دكتاتورية؛ بسبب استمرارية النزوع نحو احتكار السلطة، أو بسبب التشتت الاجتماعي الناجم إما من عدم الثقة بين المجتمعات وإما المكونات عقب مرحلة صراع، وإما من انهيار الدولة إذا ما كان النظام شمولياً وليس فقط دكتاتورياً، وعادةً ما تقع هذه الدول في المراحل الانتقالية في فخ جرعة الديمقراطية الزائدة كرد فعل على قمع الحريات السياسية و/أو سوء تقدير من المجتمع الدولي الذي يطالب عبر خبراء بيروقراطيين بمقاييس ديمقراطية مثالية دون الأخذ بالحسبان الخصوصيات الوطنية والمحلية وتحديداً  في المراحل الانتقالية المعتمدة بدرجة كبيرة جداً على الخلفيات التاريخية.
ويمكن دراسة النظام السياسي في العراق 2003 كمثال جيد لمجموعة من هذه الإشكاليات، فقد عانى العراق من واحدٍ من أقسى الأنظمة الشمولية امتد لحوالي خمسة وثلاثين عاماً مارس فيه النظام، فضلاً عن شموليته التمييز والاضطهاد الإثني والطائفي، وكانت النتيجة الحتمية انهيار الدولة بانهياره مع ذوبان الهوية الوطنية وعجز تام عن إعادة صياغتها؛ بسبب أجواء متأزمة من عدم الثقة بين مكوناته المتحسّسة لاستعادة حقوقها الإثنية والطائفية ما قاد بالتالي لعنفٍ يرقى إلى حربين أهليتين خلال أقل من خمس عشرة سنة وسط صراع دولي راهَنَ أولاً على إفشال النظام الديمقراطي الجديد الذي يشكل تهديداً مباشراً للأنظمة في جميع الدول المجاورة، وراهَنَ ثانياً على إدامة ضعف الدولة واستمرار مرحلتها الانتقالية للتمكن من حصيلة هائلة من الموارد الجيوسياسية والاقتصادية البشرية والمادية.

لقراءة المزيد اضغط هنا