مازن الزيدي – كاتب
نجحت حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بإقامة انتخابات مجالس المحافظات على رغم الخصومات والنزاعات السياسية الداخلية التي كان البعض يحاول عرقلتها أو تأجيلها لحسابات ضيّقة. ولكن حكومة السيد السوداني أوفت بتعهدها بإجراء الانتخابات التزاماً منها بالبرنامج والمنهاج الحكومي، الذي صوّت عليه مجلس النواب العراقي، وحصلت بموجبه الحكومة على ثقة ممثلي الشعب في 27تشرين الأول / أكتوبر 2022.
تكمن أهمية الانتخابات في إحياء أصل دستوري ينصّ على حق المواطنين في المحافظات باختيار حكوماتهم المحلية، تحقيقا لمبدأ سلطة الشعب في تحديد خياراته السياسية. من هنا، فإن إعادة إحياء مجالس المحافظات تمثل أوضح صورة من صور الديمقراطية المباشرة، نظراً إلى صلة هذه المجالس المحلية بشكل لصيق بمصالح المواطنين في مدنهم وأحيائهم ومحل سكناهم.
كما يمكن اعتبار إحياء انتخابات مجالس المحافظات بمثابة رسالة ثقة للمواطنين بأهمية مشاركتهم في انتخاب ممثليهم وتحديد مصيرهم على المستوى المحلي بعد عشرة أعوام من تغييب الإرادة الشعبية في الحكم المحلي.
وإذا ما وضعنا إلى جانب هذه الصورة إجراء انتخابات مجالس المحافظات في محافظة كركوك بعد تجاوز المعرقلات التي كانت تحول دون إجرائها منذ أول انتخابات محلية في 2005، فإن أهمية إجراء هذه الانتخابات الأخيرة تتضاعف. فذلك يمثل مؤشراً على قدرة الحكومة الاتحادية على فرض إراداتها في جغرافياً كانت القوى المحلية لها القول الفصل في تحديد مصيرها.
إن إصرار حكومة السوداني على إجراء انتخابات مجلس محافظة كركوك يعكس التزام رئيس الحكومة بضمان حق أهالي كركوك في تقرير مصيرهم، وأيضا يؤكد عزمها بل نجاحها بتفكيك معركة الأوزان الأثنية في هذه المحافظة متعددة الأعراق والقوميات.
إذ لم نشهد خلال هذه الانتخابات الاستقطابات القومية التي اعتدنا مشاهدتها في أي انتخابات أخرى.
ولعب الانقسام والتنافس بين الحزبين الكرديين الكبيرين، منذ عودة السيطرة الاتحادية على كركوك في 2017، في إقناع المكوّن الكردي في كركوك بوزنه الحقيقي بعيداً عن مطالباته السابقة بربط إجراء الانتخابات بملف المادة 140 والتمسّك بشعار «كردستانية كركوك».

لقراءة المزيد اضغط هنا