د. علي سعدي عبد الزهرة – جامعة النهرين – كلية الحقوق
 
المقدمة
جرت في العراق الانتخابات المحلية على مستوى المحافظات بموعدها المقرر يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، وهي رابع انتخابات محلية بعد عام 2005 بعد قطيعة دامت عشر سنوات نتيجة عدم الاستقرار السياسي والأمني، وشهدت تلك الانتخابات مقاطعة قوى سياسية مؤثرة في العملية السياسية كالتيار الصدري وغيرها، مما انعكس على نسبة المشاركة بعد العزوف الشعبي، لاسيما فئة الشباب التي تروج لفكرة عدم جدوى تلك الانتخابات، وأن أصواتهم لا تؤثر على العملية السياسية طالما تستمر  المحاصصة السياسية في تحديد الفائزين، إلا أن تلك الانتخابات تميزت بإجرائها في محافظة كركوك للمرة الثانية، بسبب طبيعتها القومية والدينية، مما أسهم في زيادة نسبة المشاركة. ساد العزوف طغت في المحافظات الوسطى والجنوبية. بالمقابل شهدت المحافظات الشمالية والغربية مشاركة مقبولة، وجاءت نتيجة الانتخابات بفوز القوى التقليدية بأغلبية المقاعد مما يمكنها من تشكيل الحكومات بكل يسر وسهولة، فضلاً عن حصول المحافظين الحاكمين في بعض المحافظات على نتائج تمكنهم من تشكيل الحكومة بشكل فردي، كما أن تلك الانتخابات جرت في ظل أجواء دستورية سلمية.
أولاً: نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق لعام 2023
أجريت انتخابات مجالس المحافظات في العراق يوم 18 ديسمبر/كانون الأول2023 للتصويت العام، وسبقها بيومين إجراء التصويت الخاص للقوات الأمنية والنازحين. وهي رابع انتخابات محلية تجرى في العراق بعد عام 2003، إذ جرت في (2005- 2009-2013) ، وجرت هذه الانتخابات بعد قطيعة دامت عشر سنوات، بعدها أخفقت القوى السياسية في التوصل إلى اتفاق بشأن تنظيم انتخابات جديدة في الموعد المحدد لها في عام 2017.
 واستمر الجدل حول هذه القضية حتى عام 2019، الذي شهد تجميد عمل مجالس المحافظات بقرار من مجلس النواب، نتيجة للمطالب الشعبية في ظل الاحتجاجات الواسعة التي شهدها العراق في ذلك العام، لاسيما بعد فشلها في معالجة تطوير البنى التحتية والخدمية، فضلاً عن ضلوعها في قضايا فساد مالية وإدارية، ناهيك عن ضخامة مواردها المالية التي لم يتم استخدامها لصالح تطوير البنى التحتية في المحافظات.
 وجرت الانتخابات بمشاركة (134) تحالفاً ومرشحاً، بينما بلغ عدد المرشحين (5898) يتنافسون على (285) مقعداً في عموم البلاد ما عدا إقليم كردستان، منها (10) مقاعد مخصصة للأقليات العرقية والدينية.
وتُعدّ مجالس المحافظات بمثابة السلطة التشريعية والرقابية في كل محافظة، إذ لهذه المجالس المنتخبة الحق في إصدار التشريعات المحلية، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، من دون أن يتعارض ذلك مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات، كما أنها لا تخضع لسيطرة أو إشراف الجهات التنفيذية كالوزارات مما يكسبها القدرة على اتخاذ القرار بصورة منفردة، لكنها تخضع لرقابة مجلس النواب بصورة مباشرة، كما أن للمجالس الحق في رسم السياسة العامة لكل محافظة تابعة لها وتحديد أولوياتها في المجالات كافة، بالتنسيق المتبادل مع الوزارات والجهات المعنية، وفي حالة الخلاف تكون الأولوية لقرار مجلس المحافظة، وتملك هذه المجالس صلاحيات رقابية على جميع أنشطة دوائر الدولة في المحافظة، لضمان حسن أداء عملها، باستثناء المحاكم والوحدات العسكرية والكليات والمعاهد والدوائر التابعة للحكومة.

لقراءة المزيد اضغط هنا