سلام زيدان: صحفي عراقي متخصص في مجال الاقتصاد.

بعد أشهر من الصراع بين الحكومة العراقية ومجلس النواب، وافق الأخير في الثاني عشر من تشرين الثاني على قانون الاقتراض الذي يسمح للعراق باقتراض 12 تريليون دينار عراقي (10 مليارات دولار)، التي ستمكن العراق في سداد التزاماتها لثلاثة أشهر فقط لدفع رواتب الموظفين الحكوميين. قال وزير المالية علي علاوي في 4 تشرين الثاني أن التحالف المالي الدولي الذي تم تأسيسه حديثاً سيساعد العراق على استرداد 150 مليار دولار من الأموال المسروقة من البلاد منذ عام 2003، وأضاف أن الأموال تودع في بنوك أجنبية وعربية وأن التحالف سيوفر التكنولوجيا والخبرة لدعم الاقتصاد.

وبينما كان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وعدد من الوزراء في زيارة إلى لندن، أُسس تحالف مالي دولي أطلق عليه اسم مجموعة الاتصال الاقتصادي للعراق في 22 تشرين الأول. ويتألف من مجموعة الدول السبع، وصندوق النقد الدولي (IMF)، والبنك الدولي، والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، ووزارة المالية العراقية، والبنك المركزي العراقي، واللجنة المالية. يجتمع التحالف كل ثلاثة أشهر لرصد التقدم الاقتصادي في العراق، وسيقدم خارطة طريق لدعم الأولويات من حيث الإصلاحات، وحشد الدعم الدولي والاستفادة من الخبرات الدولية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وإضافة تغييرات حيوية لتحقيق النمو الاقتصادي. ومن المقرر أن يعمل التحالف لمدة ثلاث سنوات.

يواجه العراق أزمة مالية حادة، بعد انخفاض أسعار النفط؛ بسبب جائحة كورونا. وبحسب موازنة 2020، فإن العراق يحتاج إلى 62 مليار دولار، منها 45.8 مليار دولار لرواتب الموظفين الحكوميين والرواتب التقاعدية والرعاية الاجتماعية، بينما يحتاج العراق إلى 6.6 مليار دولار لسداد الديون الداخلية والسندات الأوروبية. وسيتم تخصيص المبلغ المتبقي لشركات النفط الأجنبية، وبرامج الدعم المعروفة أيضاً بالبطاقة التموينية، وواردات الكهرباء، ولتغطية نفقات بعض الوزارات.

وقال علاوي لقناة العراقية في 4 من تشرين الثاني، إن التحالف سيوفر خبراء في إدارة القطاعات الاقتصادية، وسيعملون كمستشارين للحكومة، مع التركيز بنحوٍ أساس على إصلاح الاقتصاد وتحسين الأداء الإداري للقطاعين العام والخاص. وأشار إلى أن العراق يمر بوقت اقتصادي عصيب؛ لأن الموارد المالية للدولة أصبحن خارج نطاق السيطرة ولابد من تحقيق الإصلاحات. وأضاف أنه في حالة استمرار الوضع الراهن، فإن ذلك سيفتح الطريق أمام الاضطرابات السياسية والأمنية. وقال علاوي إن من مصلحة العديد من الدول مساعدة العراق ووضع اقتصاده على المسار الصحيح، ولاسيما أن البلاد سوق واعدة للاستثمار الغربي. وذكر أن التحالف سيساعد العراق على استعادة الأموال التي سُرقت قبل عام 2003 وبعده والتي بلغت أكثر من 150 مليار دولار منذ ظهور المؤسسة السياسية الحالية.

وفي قمة طوكيو في أيار 2016، شكلت مجموعة الدول السبع تحالفًا ماليًا لدعم العراق على المستويين الاقتصادي والمالي، وقدمت قروضًا بقيمة 5.2 مليار دولار من خلال صندوق النقد الدولي، إلى جانب برنامج إصلاح مدته شهرين. فضلاً عن ذلك، عقد مؤتمر إعادة إعمار العراق في الكويت في تشرين الثاني 2018.

وقّع العراق -أحد أعضاء منظمة أوبك- اتفاقية مع دول أخرى من خارج منظمة أوبك مثل روسيا وأذربيجان، وتدعى اتفاقية أوبك+. وتنص المرحلة الثانية من هذه الاتفاقية على أن يخفض العراق إنتاجه النفطي بواقع 849 ألف برميل في اليوم. تراجعت عائدات النفط، التي تعتمد عليها الموازنة العراقية بنسبة 93% من 6.4 مليار دولار في مثل هذا الوقت من العام الماضي إلى 3.5 مليار دولار شهريًا، نتيجة تراجع الصادرات وهبوط أسعار النفط. وعلى هذا، فإن العراق يحتاج إلى 5.16 مليار دولار شهرياً لتغطية نفقات موازنته الأساسية.

وقال أحمد الحاج، عضو اللجنة المالية النيابية التي تُعد جزءاً من التحالف المالي المشكل حديثاً، لـ “Al- Monitor” إن التحالف المالي الدولي وافق على طلب إعفاء العراق من التزامات اتفاقية أوبك بلس، وأضاف أن المشاورات بين الدول ستبدأ خلال أيام. وأشار إلى أن التحالف المالي الدولي سيقدم الاستشارات دون قروض لأن معظم دول العالم تعاني من أزمة مالية بسبب جائحة فيروس كورونا. وأضاف أن تصنيف العراق الائتماني هو (B-) وهو لا يؤهله للحصول على قروض خارجية. وأشار الحاج إلى أن البلاد لجأت إلى الخبرات الأجنبية؛ لأن الحلول التي طرحها الأكاديميون العراقيون لمعالجة الأزمة كانت صعبة التنفيذ.

بلغت ديون العراق 133.3 مليار دولار في أيلول، وتشكل 80% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يتجاوز الخط الأحمر بنسبة 60% إلى الناتج المحلي الإجمالي. وأصدرت حكومة الكاظمي الورقة البيضاء للإصلاحات الاقتصادية يتضمن رؤية لحل المشاكل في القطاع غير النفطي وتقليل الاعتماد على النفط بنسبة 93% خلال السنوات الثلاث المقبلة وتفعيل دور القطاع الخاص.

قال أحمد الطبقجلي، الأستاذ في الجامعة الأمريكية في السليمانية، لـــ “Al-Monitor” إن النفقات كبيرة ولا يمكن تغطيتها من إيرادات الميزانية. وأشار إلى أن الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي يظهر للمجتمع الدولي أن العراق جاد في إصلاح وضعه الاقتصادي والمالي. وشدد على أن المجتمع الدولي لا يريد أن يرى إصلاحات متواضعة كما كان الحال في الماضي، مشيراً إلى أن التحالف الدولي الجديد قد يدفع صندوق النقد الدولي لتوقيع اتفاقية قرض جديدة مع العراق، تنطوي على الإصلاحات وقروض، وهذا من شأنه أن يمنح البلاد الفرصة للحصول على قروض من دول أجنبية بضمان من صندوق النقد الدولي. وأشار الطبقجلي إلى أن التحالف سيساعد العراق في مجالات التكنولوجيا والحكم، ويساعده على تنفيذ إجراءات للسيطرة على الإيرادات غير النفطية، مثل إيرادات الضرائب والمعابر الحدودية. وأوضح أن العراق لا يستطيع تحمل ديون إضافية دون التحالف الجديد.

وقال نبيل المرسومي، أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، لـــ “Al- Monitor”: “إن تأسيس هذا التحالف يعني أن الهيئة الاستشارية في مجلس الوزراء غير فعالة، وأن الموظفين الاقتصاديين في وزارتي المالية والتخطيط فشلوا في إيجاد حلول فعّالة للأزمة المالية الحالية”.

وأضاف أنه بحسب تعبير الحكومة فإنها ملزمة بالتعاقد مع أطراف أجنبية للحصول على حلول فعّالة، وبالرغم من إصدار الحكومة للورقة البيضاء، وهو أمر مهم لإضافة تغييرات إلى المسار الاقتصادي الذي سلكته البلاد.

المصدر:

https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2020/11/iraq-economy-finance.html