يسار المالكي، زميل غير مقيم في معهد الشرق الأوسط.

لا يخفى على أحد أنّ حكومة رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي مدعومة من قبل الولايات المتحدة، فبعد ما يقرب من عامين من المشكلات في التعامل مع رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، تولت واشنطن دفة القيادة مرة أخرى في الملف العراقي. وقد يقول كثيرون إن هذا ضربة لطهران، لكن بعضهم يختلف مع ذلك. ففي وقت تواجه فيه إيران صعوبات اقتصادية شديدة، وأزمة صحية داخلية، وعقوبات قاسية -دون أي وسيلة لتوحيد البيت السياسي الشيعي بعد أن فقدوا سليماني والمهندس- إلا أنها تراقب الوضع من بعيد. وفي مواجهة أكثر الأزمات الاقتصادية خطورة في تأريخه، فإن الوضع في العراق معقد جداً لدرجة أنه لا يستطيع الموازنة بين الولايات المتحدة وإيران.

حتى الآن، تُركت واشنطن لمهمة إنقاذ العراق اقتصادياً، ولاسيما مع وجود حكومة موالية للغرب في بغداد، وهي مهمة كبيرة وليست سهلة، لكنها قابلة للتنفيذ، كما يوحي التأريخ الحديث. في ظل حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، قدمت الولايات المتحدة مساعدات حاسمة للعراق فقد ساعدت في القتال ضد داعش، وحفزت صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمساعدة النظام المالي العام السيئ للبلاد، وستفعل الشيء نفسه للسيد الكاظمي بالتأكيد. ومع ذلك، تعامل السيد العبادي مع إدارة مختلفة عن الإدارة التي سيتعامل معها السيد الكاظمي.

في الآونة الأخيرة، تفاخر الرئيس دونالد ترامب بمنهجه في التعامل مع المملكة العربية السعودية بشأن مسألة أوبك بلاس، وأوضح أنه يتوقع تنازلات من قبل المملكة مقابل الحماية التي تقدمها الولايات المتحدة للسعودية. والسؤال الكبير هو، ما الذي على بغداد التنازل عنه مقابل الحصول على استثمارات ترامب؟ الجواب هو: قطاع الطاقة. ومع تضاؤل ​​الإيرادات الشهرية من صادرات النفط من أكثر من 6 مليارات دولار في كانون الثاني إلى 1.4 مليار دولار في نيسان؛ بسبب انخفاض أسعار النفط، فإن العراق في وضع تفاوضي صعب. ومع ذلك -من ناحية الطاقة- تصرفت الحكومة الأمريكية بنحو إيجابي عبر تمديد الإعفاء من العقوبات على واردات الكهرباء الإيرانية لمدة 120 يوماً، ويعد هذا شريان الحياة الحاسم اللازم لاجتياز اختبار الصيف الحارق في العراق والاضطرابات الاجتماعية التي قد تترتب على ذلك. لم تحدث هذه الاضطرابات في الصيف الماضي؛ لأن الحكومة السابقة قدمت خدمة أفضل. ومع بدء الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق في حزيران، قد ترغب بغداد في الاستفادة من الاهتمام الأمريكي بقطاع الطاقة لتحقيق مكاسب طويلة الأجل، ولاسيما في تطوير الغاز الطبيعي العراقي وقدرات الطاقة.

يتعيّن على السيد الكاظمي انتهاز هذه الفرصة لزيادة مشاركة الولايات المتحدة في وضع الأساسات للاعتماد على اقتصاديات السوق الحرة، وإصلاح الدولة الريعية المكسورة بطبيعتها، وكل ذلك مع تحقيق التوازن بين المكاسب قصيرة الأمد والامتيازات طويلة الأجل. وسيكون التحدي الرئيس هو تغيير الأمور اقتصادياً في غضون عامين فقط، أو ربما أقل. ويجب تذكُّر أن طهران تراقب الوضع في الساحة العراقية ولاسيما البيت السياسي الشيعي المجزأ، وسيكون الاختبار النهائي في الانتخابات المقبلة، وهذا اختبار فشل العبادي فيه في السابق على الرغم من الدعم الأمريكي المفتوح لحكومته.


المصدر:

https://www.mei.edu/blog/washington-and-baghdads-new-government-test-economics