غزوان رفيق عويد

المقدمة:

لم تكن فكرة تأسيس مجلس يضمّ الجهات الرقابية المعنية بمكافحة الفساد بجديدة على منظومة مكافحة الفساد في العراق، فقد أُسس في العام (2007) المجلسُ المشترك لمكافحة الفساد برئاسة الأمين العام لمجلس الوزراء، وعضوية روؤساء (مجلس القضاء الأعلى، وديوان الرقابة المالية الاتحادي، وهيئة النزاهة)، ومنسق من مكتب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الرقابية، وممثّل عن مكاتب المفتشين العموميين؛ وبغض النظر عن الآراء والإشكاليات المطروحة بشأن تأسيس هذا المجلس فقد كان الهدف المعلن من تأسيسه هو التنسيق بين الجهات المعنية بمكافحة الفساد، وتفعيل جهودها، وتقديم التوصيات بشأن التشريعات والإجراءات والأنظمة بما يقلّل من منافذ الفساد.

وفي العام (2015) -وبعد موجة التظاهرات الرافضة للفساد والمطالبة بمحاسبة المفسدين- أُعيد تأليف المجلس المشترك تحت مسمى (المجلس الأعلى لمكافحة الفساد) برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية رؤساء هيئة النزاهة، وديوان الرقابة المالية، وممثل عن مكاتب المفتشين العموميين، وومثل عن مجلس القضاء الأعلى، والأمين العام لمجلس الوزراء، فضلاً عن بعض الأعضاء من مؤسسات أخرى.

وفي العام (2018) أعاد رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي تأليف المجلس برئاسته وعضوية رئيسي هيئة النزاهة، وديوان الرقابة المالية الاتحادي، وعضوين من مجلس القضاء الأعلى -رئيس جهاز الادعاء العام، ورئيس هيئة الإشراف القضائي-، وممثل عن مكاتب المفتشين العموميين (منسقاً)، وممثل عن مكتب رئيس مجلس الوزراء (مقرراً)، فضلاً عن ممثل عن المجتمع المدني (مراقباً). وقد حددت مهام المجلس بإعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، ومتابعة تنفيذها، والإشراف على استكمال الأطر القانونية الخاصة بمكافحة الفساد، وسد الثغرات القانونية التي ينفذ منها الفساد، فضلاً عن استكمال الأطر المؤسسيّة لمنظومة مكافحة الفساد، وتوحيد جهود مكافحة الفساد، وتنسيقها، ودعمها، واقتراح الحلول المناسية لحل المشكلات التي تواجه هذه الجهود، ومتابعة تنفيذ مؤسسات الدولة المختلفة لسياستها، وبرامجها، وخططها في مكافحة الفساد، وتقييم هذه السياسات والبرامج.

إن المتتبع لعمل المجلس المشترك لمكافحة الفساد المشكّل في العام (2007) لا يراها تختلف كثيراً عن الأخير؛ فعلى أرض الواقع كان للتجربة السابقة للمجلس المشترك لمكافحة الفساد عدة خطوات تمثلت بمجموعة من الإجراءات التنفيذية، أبرزها إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد للمدة (2010-2014)؛ كونها إحدى متطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي أقرّها العراق في العام (2007)، وإطلاق الحملة الوطنية لمكافحة الرشوة التي أثمرت عنها نتائج إيجابية في مكافحة ما يُعرف بالفساد الصغير الذي يمارسه صغار الموظفين الذي نتج عن تقليل للروتين -تسهيل بعض الإجراءات-، فضلاً عن توفير أماكن مكيّفة للمراجعين، وقياس حجم تعاطي الرشوة في الدوائر الحكومية الخدمية من قبل هيئة النزاهة؛ الأمر الذي كان له الصدى الأكبر في منجزات هذه الحملة، ومما ذُكِر آنفاً -ومن أجل تفعيل عمل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد والاستفادة من التجربة السابقة- نجد أن هناك ضرورة لقيام رئيس مجلس الوزراء -كونه المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة وبصفته رئيساً للمجلس الأعلى لمكافحة الفساد- بخطوات عملية تلبي تطلعات الجمهور في مكافحة آفة الفساد.

لقراءة المزيد اضغط هنا