علي سيرمان، كاتب عمود في صحيفتي جمهوريت، وسوزجو المعارضتين.

 يبدو أن التوتر قد بدأ يتصاعد بين الرئيس رجب طيب أردوغان وسلفه عبد الله غول، على الرغم من أن الرجلين مؤسسان لحزب العدالة والتنمية، ورفيقا الدرب في صداقة متينة عاشاها معاً وناضلاً معاً كما كانا يقولان؛ ولكن الطرق فرقت بينهما، فقد اختلفت وجهات النظر بين الرفيقين إلى أن وصلت إلى درجة خلقت فجوات بينهما.

لقد كان الرئيس السابق عبد الله غول يقظاً وحذراً جداً مع الرئيس الحالي أردوغان، وكان يفعل ما بوسعه لتجنب الصدام معه، ولكن أردوغان صاحب الموقف المتغير لم يكن يهتم أو يتوارى عن قول رأيه أو توجيه انتقاده للرئيس السابق، حتى أنه قد اتهم غول ذات مرة بأنه في جبهة المعارضة لتأييده كمال قلجدار أوغلو رئيس حزب الجمهوري، وإن لم يذكر اسمه صراحةً.

إن تصرفات الرئيس الحالي ومعاملته للرئيس السابق تؤثر على قاعدة حزب العدالة والتنمية، ويعتقد أردوغان أن مد حبال التوتر واستمرارها بنحو متصاعد لها تأثير كبير على وحدة حزب العدالة والتنمية وأن النتيجة ستكون لصالحه؛ ولكن ربما ستواجهه مفاجئة كبيرة، فهناك الكثير من التكهنات التي يجري الحديث عنها، وواحدة من هذه التكهنات احتمالية عودة الرئيس السابق عبد الله غول إلى الترشح للرئاسة منافساً لأردوغان على المنصب.

وفي حالة ظهور السيد عبد الله غول منافساً للرئيس طيب أردوغان فإن هذا لا يعني مطلقاً أن فرصة غول أقل في الحصول على الفوز بنقاط كبيرة، ويقع على عاتق أردوغان العمل بجد من أجل سحب فرص النجاح من عبد الله غول، وعليه جمع تأييد جميع أعضاء حزب العدالة والتنمية إلى جانبه وأن لا يترك أي صوت يذهب سدى، فضلاً عن العمل على زيادة عدد مؤيديه من الحزب القومي قبل الانتخابات، وفي حالة قبول عبد الله غول الدخول في التنافس فإن تأييد نسبة ضئيلة من قاعدة حزب العدالة والتنمية كافية لفوزه بالانتخابات.

إن ترشيح غول ووقوفه منافساً لأردوغان في الانتخابات القادمة يثير الاستغراب في هيكلية حزب العدالة والتنمية؛ لأن الاثنين من أسسا الحزب وعملا معاً في هذا التنظيم السياسي؛ لذا من الصعب معرفة وجهة نظر الأحزاب الأخرى من هذه المسالة، وإذا كانت هناك أية احتمالية لحصول هذا، فهناك احتمالية لرحيل أردوغان الذي صار همه الأكبر أن تبقى تركيا دولة ذات سيادة، والسؤال المطروح هنا: لو حدث هذا ورحل أردوغان ما الذي سيتغير؟

إن مثل هكذا تغيُّر وتطوُّر في السياسة التركية اليوم ليست بالمستحيلة فنشر الفكرة القائلة إن أردوغان هو الزعيم الأوحد الذي يقف بوجه كل أنواع الإهانات الخارجية وأمام قوى الشر الداخلية، وإنه الرئيس الوحيد الذي يقف بوجه الإمبريالية، أدى إلى انضمام جميع أعضاء حزب العدالة والتنمية إلى صفه حتى المستائين منهم أو الأعضاء المبعدين عن الحزب، فضلاً عن بعض المرشحين للانتخابات المذكورين في حقل الإرهاب والفوضى، وشاهد مراقبو انتخابات حزيران ٢٠١٥ أن تسويق فكرة الرئيس الأوحد قد جعل الناخبين يدفعون الثمن باهظاً.

إن ظهور غول مرشحاً منافساً لأردوغان، قد يأتي بسبب صعوبة ظهور مرشح آخر في ظل هذه الظروف؛ وفي هذه الحالة لن نستغرب من تغيُّر السيد غول الرجل المحافظ على وقاره بأن تأخذه العصبية والغضب بسبب الظروف المحيطة به، وعليه أن يهتم بالتواصل وألا تصل المسألة إلى نقطة قطع جميع الحبال وانهيار العلاقات.

والمعروف عن الرئيس أردوغان أنه وصل إلى حد صار فيه لا يتقبل أي تنبيه أو تحذير حتى وإن لم يكن انتقاداً؛ لكن عليه أن يعلم أن هذه السلوكيات تعمل على توتير الأوساط المحيطة به وتقسيمها، وهو لا يدرك أنه بتصرفاته هذه يقدم خدمة كبيرة من أجل تدعيم سياسة عبد الله غول، وإن كنا نرى أن الأخير يحتاج إلى مزيد من الصبر لإنجاح سياسة المصالحة أمام عصبية أردوغان وغضبه.


المصدر:

http://www.cumhuriyet.com.tr/koseyazisi/896794/Muhalefet_de_AKP_mi_olacak_.html