صحيفة الإيكونوميست – القسم الاقتصادي

خرج الآلاف من اللبنانيين الأسبوع الماضي في شوارع بيروت احتجاجاً على الزيادات الضريبية التي تشكل جزءاً من مشروع الميزانية لعام 2017، إذ تقول الحكومة إنها تحتاج إلى إيرادات إضافية لتمويل ارتفاع أجور موظفي القطاع العام في البلاد.

يلقي اللبنانيون باللوم على المسؤولين الفاسدين على خلفية الوضع المالي السيّء في بلادهم وسوء البنى التحتية، وقد تراجعت مستويات معيشتهم بشدة منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا قبل ست سنوات، وكانت هذه الاحتجاجات آخر عقبة أمام خطة الحكومة للموافقة على ميزانية الدولة السنوية التي كانت تأمل القيام بها في وقت سابق من شهر آذار 2017 ولأول مرة منذ عام 2005. لماذا لم يتم إقرار الموازنة في لبنان لمدة 12 عاماً؟ وكيف كان يعمل الاقتصاد اللبناني في تلك السنوات؟

إن عدم وجود موازنة رسمية للدولة هي إحدى نتائج الشلل السياسي الذي لحق بلبنان منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في عام 2005، فمنذ مقتل الحريري كان النزاع بين الفصائل المتنافسة في البرلمان والحكومة -الذين تم اختيارهم على أسس طائفية- يعيق إقرار التشريعات، بما في ذلك القرارات الرئيسة التي تخص الإنفاق العام، وقد اقتربت الحكومة في عامي 2010 و2014 من الموافقة على مشروع الموازنة، إلا أنها باءت بالفشل في كلا العامين. أثبتت الانقسامات الأولى بين الفصيلين الرئيسين بأنها عميقة جداً ويصعب التوفيق بينهما؛ ويكمن أَحدَثُ فشل بين الفصيلين هو عدم انتخاب رئيس جديد؛ مما أدى إلى توقف الحوار بين الحكومة والبرلمان قبل إقرار الموازنة، وكلما طالت فترات التأخير، أصبح من الصعب أن يمرَّ مشروع جديد، إذ تنص إحدى شروط إقرار أي ميزانية على إغلاق حسابات السنوات السابقة بطريقة مقبولة قانوناً.

ونتيجة لما سبق، كان الإنفاق العام مخصصاً إلى حد كبير، ولا يخضع للرقابة على مدى السنوات العشر الماضية، وهو ما تستفيد منه في كثير من الأحيان جماعات المصالح داخل مختلف الفصائل الحكومية بدلاً من دفع تكاليف الاستثمار في البنية التحتية العامة؛ إذ كان يتعيّن على المواطنين في بيروت أن يواجهوا انقطاعات منتظمة في التيار الكهربائي ونقصاً في المياه، وفضلاً عن ذلك كان لبنان قريباً جداً من الإفلاس وقد تضاعف الدين العام بنحوٍ لم يسبق له مثيل ليصل إلى 75 مليار دولار منذ آخر موازنة، ويقدر البنك الدولي وصول نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان -وهي من بين أعلى المعدلات في العالم- إلى 157% هذا العام، ومما فاقم الأمور أكثر هو انهيار السياحة من دول الخليج نتيجة النزاع السوري، فكادت الأمور تصبح أسوأ لولا تدخل البنك المركزي اللبناني، الذي حافظ لعدة سنوات على استقرار احتياطات النقد الأجنبي، فضلاً عن موافقته في منح القروض للإسكان والطاقة والأعمال.

إن نجاح عملية انتخاب رئيس جديد في تشرين الأول عام 2016 -بعد تأخير دام عامين ونصف العام- أدى إلى تخفيف الجمود السياسي إلى حد ما، ويأمل العديد من اللبنانين أن يتم حل الخلاف حول أحكام الضرائب في مشروع الموازنة الحالي وإقرار التشريعات؛ لأن ذلك من شأنه منح لبنان القدرة على السيطرة على أموال الدولة؛ وبالتالي اجتذاب الاستثمار الأجنبي، وتمكين البلد من الحصول على أموال إضافية من المانحين الغربيين.

إن الاتفاق على الموازنة قد يعطي الأمل أيضاً في أن تكون الفصائل السياسية المتنافسة في لبنان قادرة على التعاون؛ مما يضع حجر الأساس لتشريعات أكثر أهمية، مثل: تشريع قانون انتخابي جديد، وتحسين الطرق المستعملة، وتأهيل أنابيب المياه وخطوط الكهرباء.


المصدر:

http://www.economist.com/blogs/economist-explains/2017/03/economist-explains-22