بول مكليري، مراسل الفورين بولسي في البنتاغون.

الطريق السريع الحاسم الذي يربط الأردن ببغداد يمر في قلب الفلوجة، وإن استعادة السيطرة عليه يمكن ان يحمي الأردن من خطر الانهيار الاقتصادي.

عندما طرد الجيش العراقي تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة الرطبة الصحراوية المعزولة الشهر الماضي، تلقت المعركة القليل من الاهتمام، ولكن هذه المدينة، التي تقع على مقربة من الحدود الأردنية والسورية، تمثل جائزة سعى المسؤولون العراقيون والأردنيون للفوز بها، كما وإن قسماً كبيراً من الاقتصاد المتعثر للمملكة الأردنية إعتمد على ذلك. إذا أمكن تأمين الرطبة، قد يتم فتح طرق سريع قريب ونقطة عبور حدودية واعادة التصدير لاقتصاد الأردن المحتضر، وتوفير بعض الراحة لخزينة الحكومة التي تعتمد اعتمادا كبيرا على المساعدات الخارجية، وفي نواح كثيرة، تؤكد استعادة الرطبة وأخيراً الفلوجة، الحقائق الاقتصادية الحقيقية لقتال العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

ونظراً لضعف الاقتصاد الأردني، فإن مئات الملايين من الدولارات في البضائع التي كانت تنقل عبر الرطبة يمكن أن تساعد على تحقيق الاستقرار في بعض مناطق الاضطرابات داخل الأردن، في الوقت الذي تكافح فيه لدعم أكثر من مليون لاجئ سوري. وهذا أيضاً هو السياق الذي أطلقت من خلاله بغداد هجومها على معقل تنظيم الدولة الإسلامية، مدينة الفلوجة، في أواخر شهر أيار، حيث ان المدينة تقع أيضاً على مفترق الطريق السريع الحادي عشر الذي يتصل بالأردن، ان الفلوجة هي اخر معقل رئيس للمتمردين في محافظة الانبار غرب العراق، وكانت بمثابة نقطة انطلاق لهجمات تنظيم الدولة الإسلامية الأخيرة على العاصمة.

وقال ضابط عسكري كبير سابق الذي قام بحملات متعددة في العراق “إن السيطرة على الرطبة والفلوجة لا يحمي فقط نهج الغرب تجاه بغداد، ولكنه يعيد فتح الممر الأرضي إلى الأردن، ويخلق عمقاً استراتيجياً للأمن الأردني والسعودي”، واضاف “في الوقت نفسه، سحبت هذه العملية جزءا كبيرا من السكان السنة مرة أخرى في مجال بغداد من خلال علاقة تعاونية مع محافظ محافظة الأنبار، الذي قام بعمل كبير في هذا المجال”.

وصلت الصادرات السنوية للأردن الى العراق إلى الحضيض، اذ سقطت من 1.2 مليار دولار إلى 690 مليون دولار في عام 2015، ويعزى جزء كبير منه بسبب إغلاق معبر طريبيل الحدودي قرب الرطبة في تموز عام 2015، وبعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة في شهر حزيران عام 2014، بدأ المسلحون بفرض الضرائب الثقيلة – بقدر 400 $ لكل شاحنة – على المستوردين الذين يمتلكون ما يكفي من الشجاعة للقيام بالرحلة عبر الحدود. وقال ديفيد شينكر، مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن: “إذا كانت الطرق آمنة، فإن السائقين الأردنيين مستعدين لارسال البضائع إلى العراق”، وأضاف بأن سائقي الشاحنات وأثرهم الاقتصادي يمثلون “مصدر دعم رئيس” للملكية في الأردن، ومع تصاعد معدل البطالة في الأردن بما يزيد قليلا عن 14 في المئة، فإن أي زيادة في العمل ستكون دفعة قوية للاقتصاد المتعثر في المملكة.

قال مسؤول عسكري أميركي الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بأنه لاحظ مسؤولون عسكريون أميركيون بأن الرطبة تمثل نقطة انطلاق لطريق مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية من سوريا و”منطقة دعم لتنظيم الأفراد والمعدات”، لاستخدامها في أي مكان آخر في محافظة الأنبار، وجزء من هذا الخط يؤدى مباشرة إلى الفلوجة ومن ثم إلى بغداد.

كان تركيز واشنطن منذ بداية حملة القصف ضد الدولة الإسلامية في أب عام 2014 على استعادة السيطرة على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، التي سقطت بيد الجماعة المتمردة قبل عامين، ويقوم المستشارون الأمريكيون، وقوات العمليات الخاصة والمدفعية الأرضية، والغارات الجوية بدعم الفرقة الخامسة عشر في الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية في الوقت الذي تتحشد فيه هذه القوات قرب المدينة للقيام بالهجوم القادم. قال المسؤول بأنه وفي نهاية المطاف “الموصل هي الجائزة الكبرى، ولكن للوصول الى الموصل هناك العديد من الأهداف الصغيرة التي تحتاج إلى المعالجة”.

ولكن قبل أن تنطلق المعركة، تبحث بغداد عن فرصة لالتقاط الانفاس خصوصاً في جنباتها الجنوبية والغربية. لقد كان الاقتصاد الأردني يعتمد بشكل كبير على النقل البري، وقال شينكر بأن مئات الشاحنات كانت تمر يومياً على الطريق السريع في العراق حتى سقوط الرطبة والفلوجة في عام 2014، اما الان فإن سائقي الشاحنات الأردنية يتدافعون حالياً للحصول على العمل، ومن غير الواضح ما إذا كان الجيش العراقي والميليشيات الشيعية والسنية قادرة على تأمين الطريق عبر الانبار، التي لا تزال توجد فيها جيوب للدولة الإسلامية، واضاف “بأن لديهم فرصة أفضل للقيام بذلك بعد اكمال الهجوم” في الفلوجة.

القوات العراقية، التي تدار من قبل قوات مكافحة الارهاب العراقية، تمكنت من التقدم نحو الفلوجة في 30 ايار لاستعادة السيطرة عليها من عدة مئات من مقاتلي الدولة الإسلامية التي سيطرت على المدينة السنية في يناير كانون الثاني عام 2014، ان تأمين الفلوجة – التي حاربت القوات الامريكية في معركتين داميتين في عام 2004- سيكون المحطة الأخيرة في الطريق إلى بغداد من الحدود الأردنية.

ان التحرك الواسع النطاق لمقاتلي الدولة الإسلامية من العراق إلى الأردن لم يكن أبدا مصدر قلق كبير للحكومة في عمان، ولكن المشاكل الاقتصادية للبلاد تمثل مصدر قلق كبير، وقال مسؤول امريكي اخر في الدفاع بأن الكفاح من أجل الفلوجة يأتي كجزء من المساعدة على تخفيف الوضع من خلال فتح الشريان الرئيسي إلى الأردن.

وقال المسؤول للفورين بوليسي، بدلا من التركيز فقط على الأمن، فإن الأردن ترى أن القتال من اجل الرطبة والفلوجة بأنه “يتركز حول تأمين ممرات التجارة والاستفادة الاقتصادية من وجود طريق أمن” لشحن البضائع إلى العراق. وقال شينكر “أنا لا أعتقد أن هناك قلق حقيقي من أن داعش قد يشن هجوما على الأردن” من الحدود العراقية، في إشارة إلى الدولة الإسلامية عن طريق اسم بديل، “ولم يكن عاديا لبغداد” بأن يكون معبرها الحدودي الوحيد مع شريك تجاري رئيس مغلق منذ أكثر من عام.

مع المساعدات المالية الأمريكية، استثمرت الأردن ما يقرب من 100 مليون دولار في نظام مراقبة الحدود والمطور من قبل عملاق الدفاع الأمريكي رايثيون، ويشمل هذا كامرات ليلية ونهارية ورادارات أرضية، ونظام اتصالات، الذي من المقرر الانتهاء منه العام المقبل، كما وان معظم المشروع الأمني للأردن سيمتد ل 160 ميل على طول الحدود السورية، و 115 ميل بالقرب من العراق.


ملاحظة :
هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .

 

المصدر:

https://foreignpolicy.com/2016/06/02/the-fight-for-fallujahs-highway-11