لقد كتبنا في البداية عن انعدام الجاذبية قبل خمس سنوات. انها الآن فوقنا تماما، وسيتسارع تفكيك النظام الجيوسياسي الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2016. هناك تزايد في الانقسام السياسي في عام انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة، وأزمة سياسية تأسيسية في أوروبا.  روسيا ايضا تنهار في ظل قيادة فلاديمير بوتين المولع بالقتال. الصين تزداد قوتها كثيرا، ولكن سياستها الخارجية لا تعكس إلا مصالحها الاقتصادية الوطنية  بشكل أساسي (وإن كان ذلك لا يزال استراتيجيا).

النتائج واضحة. والشرق الأوسط هو الأكثر عرضة لفراغ في القيادة الجيوسياسية، والوضع فيه يتجه نحو الحريق. هنالك ست دول فاشلة في الإقليم الأوسع هي أفغانستان، والعراق، وليبيا، ومالي، وسوريا، واليمن، وعدد اللاجئين المسجلين يفوق التصور أكثر من أي وقت مضى. وقد أصبح تنظيم داعش المنظمة الإرهابية الأكثر نفوذاً في التاريخ.  اقتصادات النفط ترزح تحت ضغط شديد. و كل هذا سيزداد سوءً في عام 2016.

حصة أوروبا من ذلك الألم ستكون الأكبر، من حيث التكاليف الاقتصادية، والثغرات الأمنية، والنكسات السياسية. أما الولايات المتحدة، التي توشك رئاسة باراك أوباما فيها على الأُفول، فستواصل، على الأرجح، ما كانت تقوم به في السابق، لأن نصف الكرة الغربي لا يزال معزولاً عن حصة الأسد من عدم الاستقرار الجيوسياسي. أما  في آسيا، فعلى الرغم من وجود العديد من  أقوى قادة العالم  الوطنيين فيها، إلا أن المساعدة في إدارة تلك المشاكل ليست من أولوياتها.

كل هذا يعني أن العالم قد أمسى أكثر تشظيا في العام 2016، في ظل ظهور الكثير من الأزمات والصراعات داخل وعبر وخارج الدول، أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية.  وحتى تجر القوى الكبرى بعضها البعض الى المواجهة العسكرية، فإن الحرب العالمية الثالثة أمر غير وارد تقريبا (على الرغم من التعليقات الأخيرة للبابا فرانسيس). وتبدو أكبر أربعة اقتصادات في العالم، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، واليابان، وألمانيا، جميعها مترددة كثيراً في قبول مسؤولية إدارة الأزمة. الألمان فقط هم المتأثرون بشكل مباشر من هذا الاضطراب، ولا يزال لديهم الكثير من الأسباب لتجنب القتال.

وهكذا، ستزداد حدة النزاع في العام 2016. وقد اعترف المستثمرون، في العام الماضي، بتنامي الشكوك لكنهم اختاروا التركيز بشكل أكبر على تحسين الظروف الاقتصادية: اقتصاد أمريكي يتعافى، وأوروبا تخرج من هوة الركود. من غير المحتمل أن يستمر ذلك، لأن المخاطر الجيوسياسية تهز أركان النظام العالمي.


لقراءة المزيد اضغط هنا