مات برادلي و غسان عدنان، صحيفة وول ستريت جورنال

من المتوقع أن تكلف عملية إعادة إعمار الرمادي بعد المعارك مع تنظيم الدولة الإسلامية الذي اتبع سياسة الأرض المحروقة، عشرة مليارات دولار.

عندما يعقد رئيس الوزراء العراقي اجتماعاً يوم الاثنين لمناقشة المهمة الهائلة المتمثلة في إعادة إعمار مدينة الرمادي التي تم تحريرها مؤخراً، فإن المسؤولين العراقيين سيواجهون نمطاً قاتماً في كل مرة يتم طرد تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة، تتسبب المعارك وتكتيكات التنظيم في إحداث دمار هائل يبقى لسنوات. ويقدر مسؤولون حكوميون أن حوالي 80٪ من الرمادي، مركز محافظة الأنبار، قد تم تدميرها، وأن ثمن إعادة الإعمار سيصل إلى عشرة مليارات دولار .

يتطلع ساسة العراق ووكالات التنمية أن تكون الرمادي مثالاً جيداً لقدرة الحكومة العراقية على إعادة الإعمار، ويأملون أن  يساهم إعادة بناء المدينة في تحسين صورة الحكومة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة في أعين سكان المدينة ذات الغالبية السنية، والذين لطالما اتهموا الحكومة المركزية بالقمع والتمييز الطائفي. وقال عيد حماش، المتحدث الرسمي لمجلس محافظة الأنبار: “جميعاً نعلم أن الاستقرار في الأنبار يعني الاستقرار في العراق، وأن الأنبار هي وجه العراق.” ويأتي ارتفاع التكاليف في لحظة غير مناسبة لحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، في ظل تراجع أسعار النفط الذي قلَّص من عائدات العراق المالية، والكلفة الباهضة للحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، بالإضافة الى ضرورة الإهتمام بمئات الآلاف من النازحين.

وكان البرلمان العراقي قد أقر، في الشهر الماضي، ميزانية تضمنت عجزاً فعلياً يزيد على 20 مليار دولار، إذ تم احتساب الميزانية على أساس سعر نفط عالمي مبالغ فيه وهو 45 دولارا  للبرميل، وهو سعر مزيج نفط برنت، في حين أنهى المؤشر العالمي العام 2015 على سعر 37 دولاراً و 28 سنتاً للبرميل، وهو أعلى بكثير من سعر النفط الخام في العراق حالياً. وذكرت الحكومة الامريكية وبعض حلفائها، الأسبوع الماضي، أنها ساهمت بدفع 50 مليون دولار الى “صندوق الاستقرار” الذي تشرف عليه الأمم المتحدة من أجل إعادة بناء البلاد، بعد أشهر قليلة من تعهد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بدفع 8.3 مليار دولار. وكان السيد العبادي قد تعهد الأسبوع الماضي بتخليص العراق من تنظيم الدولة الإسلامية بحلول نهاية العام 2016. ومن أجل الوصول الى هذا الهدف، فإن البلاد بحاجة إلى الكثير من النقد لكي تقف على قدميها مرة أخرى. ولا تزال مساحات في غرب وشمال العراق تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك الموصل، العاصمة الفعلية للتنظيم في العراق، وثاني أكبر مدينة في البلاد.

وعلى الرغم من إعلان السيد العبادي تحرير مدينة الرمادي بالكامل يوم الأحد، إلا أن الجنود العراقيين لا يزالون ييمرون خلال الألغام الأرضية، ويعالجون جيوب المسلحين المتبقية في شرق الرمادي. لقد حررت الحكومة العراقية 18 مدينة وبلدة من تنظيم الدولة الإسلامية حتى الآن، وفقاً لتقرير نشر في أواخر العام الماضي من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. معظم هذه المدن، وآخرها مدن سنجار وبيجي وتكريت، قد سُوِّيَتْ جميعها بالأرض تقريباً.

ويفسر لنا اسلوب الأرض المحروقة الذي يتبعه تنظيم الدولة الإسلامية، جزئياً، قدرة أعداد قليلة من مسلحي التنظيم على الدفاع عن نفسها ضد القوات المهاجمة التي تفوقها عدداً، مثل الجيش العراقي وحلفاؤه من القوات شبه العسكرية. ويقوم المتمردون بإعاقة تقدم خصومهم من خلال تفخيخ المساكن والطرق، إذ لا تتطلب هذه الاستراتيجيات الكثير من الأفراد، لكنها تدفع القوات المهاجمة للتحول الى ما يشبه طواقم هدم، الأمر الذي يحدث أضراراً جانبية  كبيرة بالبنية التحتية الحضرية. ويرقى باقي الأضرار، بحسب مسؤولين عراقيين، الى مرتبة  التخريب الكامل.

 وقال محافظ الانبار صهيب الراوي “لا ننسى أن سياسة تنظيم داعش، وهو الإسم العربي المتداول للتنظيم، تهدف الى تدمير كل شيء قبل التخلي عن أي منطقة. إنهم يقومون بتدمير الجسور والمستشفيات وحتى مشاريع المياه، لا لشيء إلا للتخريب. ” في هذه الاثناء، تحملت قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة العبء الأكبر في المعركة من خلال مهاجمة التنظييم من الجو، وهي سياسة خفَّفت من التحدي للقوات البرية، ولكنها دمرت مساحات شاسعة من البنية التحتية. فعلى سبيل المثال، شنت القوات الأمريكية غارة جوية في أوائل شهر ايلول على ملعب كرة القدم الرئيس في الرمادي، والذي كان التنظيم يستخدمه كمخبأ للاسلحة، مما أدى الى احتراق 15000 مقعد، وفقاً لأشرطة الفيديو التي تم تداولها بشكل علني.

وقال العقيد ستيف وارن، المتحدث باسم قيادة التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية، أن إعادة الإعمار “جزء من المعادلة” منذ أن بدأ التحالف الدولي حملة القصف في عام 2014، ولكنه سيكون من الصعب التعرف على حجم الأضرار التي لحقت بالرمادي من جانب تنظيم الدولة الإسلامية أو قوات التحالف الدولي. في النهاية، انها حرب، ولا مناص من الأضرار”.  ويمكن رؤية هذا النمط في المدن التي تحررت مؤخرا، مثل سنجار في الشمال وبيجي وتكريت في الوسط، حيث تم تسويتها بالارض بشكل كلي تقريبا.

أن إعادة إعمار تلك المدن سيكلف أكثر بكثير مما يعتقد معظم السياسيين العراقيين. ومن هنا يمكن القول أن العراق، وهو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للنفط، سينفق الكثير من السنة الجديدة في طلب المساعدة من الدول المانحة ووكالات المعونة الدولية لإعادة الإعمار. وكان رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، قد ذكر في بيان صحفي الخميس “إن مستوى الأثر الاجتماعي والنفسي السلبي الذي خلفه احتلال تنظيم الدولة الإسلامية يتجاوز قدرات الدولة العراقية، ويتطلب جهداً دولياً مشتركاً، لأن معركة ما بعد تنظيم داعش لن تكون أسهل من مواجهته الآن.”

http://www.wsj.com/articles/iraq-officials-face-monumental-task-of-rebuilding-ramadi-1451858593