ميا بلوم

منذ صعود داعش، اظهر التنظيم وبشكل بارز الأطفال في دعاياته، ففي الأسابيع القليلة الماضية، أصدرت الجماعة ثلاثة أفلام قصيرة لأطفال تتراوح اعمارهم بين 10 سنوات و15 سنة وهم يتدربون، ويظهر احد الافلام الأطفال وهم يقومون باعمال اجرامية فظيعة تحت إشراف اعضاء من التنظيم، يصور احد الفديوات الفتيان الشباب المشاركين في تمرين بالذخيرة الحية داخل”بيت قتل” لداعش، ويقوم هذا التمرين على الرماية الداخلية التي تستخدم لتدريب المجندين بالذخيرة الحية حول كيفية التسلل الى مبنى سكني والسيطرة عليه، ويتعلم الأطفال كيفية التعامل والدخول الى العقار قبل الانتقال من غرفة الى غرفة، و يتعلمون ايضا كيفية إخضاع وإلسيطرة على الساكنين لاستخدامهم كرهائن محتملين، ويتم تدريب الأطفال ايضاً على القنص، ويدرسون كيفية نصب الكمائن لسيارات متحركة. نُشر شريط فيديو يوم 4 تموز، يظهر أطفال يعدمون 25 جندياً سورياً، و في شريط مدته 22 دقيقة عن مذبحة سبايكر في تكريت، شارك الأطفال ايضا في تنفيذ الاعدامات.

لايمثل الأطفال قيمة دعائية لداعش فقط، بل انهم اشخاص متشددون ايضا، يمتلكون القدرة على القتل، و يدعوهم التنظيم “أشبال الخلافة،”، وهي ظاهرة درسناها للتحضير لكتابنا القادم، الأسلحة الصغيرة الأطفال والإرهاب، وهو عبارة وصف للعديد من الطرق التي تستخدمها المنظمات الإرهابية لتجنيد الأطفال في جميع أنحاء العالم. بعد تحليل دقيق لوسائل داعش الدعائية، ووسائل الإعلام الاجتماعية، ومقابلات مع الاطفال الهاربين من التنظيم، الذين أجرت لهم مقابلات مع صحفيين آخرين وعمال الإغاثة، لدينا الان صورة واضحة عن نموذج التوظيف والتدريب لداعش.

يقسم أطفال داعش الى خمس فئات:

–  أولئك الذين ولدوا لمقاتلين أجانب أو مهاجرين.

–  وأولئك الذين ولدوا لمقاتلين محليين.

–  وأولئك الذين تم التخلي عنهم ووجدوا طريقهم إلى دور الأيتام التي يسيطر عليها التنظيم.

–  واولئك الذين اخذوا قسرا من ابائهم.

–  وأولئك الذين انضموا طواعية للجماعة.

 يميل الأطفال في معسكرات التدريب إلى أن يكونوا من أولئك الذين اخذوا من عائلاتهم أو وجدوا في دور الأيتام، ومن ناحية اخرى، يميل الأطفال في المدارس التي يسيطر عليها داعش الى ان يكونوا من اولائك الذين تطوعت بهم أسرهم. ان النسب المتزايدة من الأطفال الذين ينضمون للتنظيم يرجع نتيجة الى عملية الاستمالة التي يقوم بها داعش، حيث يغرس فيهم روح الالتزام والصداقة الحميمة. في حين أن العدد الفعلي للأطفال المقاتلين في سوريا غير معروف، فان مركز توثيق الانتهاكات السوري وثق 194 حالة وفاة لأطفال ذكور “غير مدنيين” بين ايول 2011 وحزيران 2014. وفي حزيران 2015، ذكرت الأمم المتحدة أن 271 صبي وسبعة فتيات تم تجنيدهم من قبل الجماعات التابعة للجيش السوري الحر، ووحدات حماية الشعب الكردي، وداعش، وجبهة النصرة، في 77 % من هذه الحالات، كان الأطفال مسلحين أو مستخدمين في القتال، ولم يتجاوز خمسهم سن 15.

هذا النمط يختلف عن تجنيد الأطفال في العديد من الأماكن الأخرى، لا سيما في الدول الأفريقية، حيث ان الأطفال الذين يتم اعدادهم للقتال يكونون أيتام في الغالب، وفي العموم، لا يمتلك هؤلاء الاطفال آباء احياء ، فهم اما مختطفون أو متروكون من قبل القائمين على رعايتهم. تقوم المليشيات باحتضانهم اجتماعياً لتشكيل علاقات وثيقة مع الجماعة، وبالنتيجة استبدال أسرهم. في هذا الصدد فأن أنماط تجنيد داعش تماثل لتنظيم مورو (الجبهة الاسلامية للتحرير) في الفلبين، حيث يوجد أولياء الأمور، الا انهم هم الذين يشجعون أبنائهم على الانخراط في النزاع المسلح، ومن الأمثلة الحديثة على جلب مقاتلي داعش لأطفالهم إلى منطقة القتال يمكن العثور عليها في المملكة المتحدة، حيث قامت الأخوات داود الثلاث، في الثلاثينيات من عمرهن، وولدوا في المملكة المتحدة، بهجر أزواجهن للانضمام لداعش، اخذين معهن أطفالهن التسعة لسوريا، قبل ذلك، في شباط الماضي، اختفت أربع فتيات من أكاديمية بيثنال الخضراء في لندن، ومنذ ذلك الحين أكد اباء الفتيات ان بناتهم قد تزوجوا مقاتلي داعش الأجانب.

هناك المئات من الأطفال الأجانب الذين وصلوا على نحو مماثل الى سوريا من أوروبا، والشرق الأوسط، وجنوب آسيا، وعندما تقع اقدامهم على سوريا فإنهم على الارجح، سيسجلون في احد المدارس الدينية المنتشرة في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، اثنتان منها خصصت لتلبية احتياجات المتحدثين باللغة الانجليزية. وتمثل هذه المدارس جانباً واحداً من استراتيجية داعش لتحويل الأطفال من مارة إلى مقاتلين مختصين بالكامل، بشكل منهجي ومؤسسي قائم على مرور الأطفال بستة مراحل مختلفة: التنشئة الإجتماعية، والتعليم، والاختيار، والقهر، والتخصص، والتمركز.

التنشئة الاجتماعية

يقوم التنظيم في البداية بتعليم الأطفال ليس عن طريق التلقين، ولكن عن طريق التنشئة الاجتماعية التدريجية، وللوصول الى ذلك، يمتلك التنظيم عدد من الطرق ولكن الأكثر وضوحاً هو من خلال المناسبات العامة التي تهدف إلى رفع مستوى الوعي حول الفرص التي يمكن لداعش تقديمها، تجذب بعض من هذه الاجتماعات، في كثير من الأحيان على نطاق صغير، الأطفال من خلال تقديم لعب مجانية وحلوى لمجرد التظاهر. يمكن للأطفال المحليين في هذه الأحداث المساعدة  من خلال التلويح برايات داعش السوداء. ان مثل هذه الإغراءات تعمل بمثابة نوع من انواع شاحنات الآيس كريم الشريرة، حيث تعود الاطفال المحليين للخروج ومعرفة المزيد حول الحياة تحت ظل الدولة الإسلامية كما تسمى.

تحت حكم التنظيم، يتم تشجيع الأطفال وبشكل روتيني على حظور الإعدامات العلنية. في البداية، يعرض على الأطفال افلام الإعدامات، وينتهون بحضور الفعاليات الحية في نهاية المطاف. في أشرطة الفيديو الدعائية، يشاهد الأطفال وهم يشقون طريقهم خلال صفوف البالغين للوصول إلى ساحة الاعدامات. إن تعود الأطفال بسرعة على هذا العقاب البدني، وذلك بفضل المشاهدة الروتينية لمثل هذه الأحداث، سيؤدي الى استيعابهم لهذا العنف واعتباره شيء طبيعي.

يتعلم أطفال المقاتلين الأجانب على وجه الخصوص أنه للمشاركة الطرفية في مثل هكذا مناسبات مكافئات. في أشرطة الفيديو الدعائية لداعش، يقف الاطفال بعناية أمام الكاميرا، ويُدربون على كيفية التصرف، وفي بعض الحالات، يتم الثناء على الأطفال الشاهرين للسلاح، أو الرافعين للرؤوس المقطوعة لضحايا داعش.

 يتعلم الأطفال وبشكل منهجي أيديولوجية داعش، مما يجعلهم أقرب إلى بعضهم البعض وكذلك لأعضاء التنظيم الذين يكتشفون الأطفال ذوي الموهبة الكافية لكسب صفة “شبل” في أحد معسكرات التدريب المخصصة للمجموعة.

وفي هذا الصدد، فان داعش مماثل للعديد من الجماعات المتشددة والمتطرفة الأخرى، حيث تجبر العديد من الميليشيات الأطفال على الانخراط في الأعمال البشعة من اليوم الاول لمنعهم من الانشقاق، ومن خلال اجبار الأطفال على المشاركة في الأعمال المروعة، تضمن الميليشيات من خلالها بأن أفراد أسر الأطفال لن يقبلوا عودة ابنائهم، وهذه احد الطرق التي تستخدمها الميليشيات لإغلاق كافة ابواب الهروب. ولكن مع داعش، ينخرط الأطفال في أعمال وحشية مع تشجيع وموافقة ابائهم، وان انتهاك الأعراف الاجتماعية لا يتسبب في استبعاد الطفل من المنزل، وإنما هو وسيلة لمشاركته كطرف من الداخل.

التعليم، والاختيار، والقهر

بعد مناسبات واجتماعات “حيي وسلم”، فإن الخطوة التالية في التلقين تحدث من خلال التجنيد في إطار برامج التعليم المجاني للنظام. بعد أن آلت سوريا إلى حالة من الفوضى، فرض داعش سيطرته على العديد من المدارس والمساجد. على الرغم من أن العديد من معلمي المدارس السورية الأصلية ظلوا في مواقعهم، الا ان عليهم تدريس مناهج يسيطر عليها التنظيم إلى تلاميذ مفصولين عن الجنس الاخر، ويتضمن هذا المنهاج التدريب على الأسلحة والتكييف الأيديولوجي الشديد. لا يظهر ان الحضور الى المدارس شيء إلزامي، ولكن الكثير من الآباء يرسلون أطفالهم عن طيب خاطر، وفي عدد قليل من الحالات تلقى الأهل الذين رفضوا الامتثال تهديدات من التنظيم.

في هذه المدارس، يتعلم الأطفال وبشكل منهجي أيديولوجية داعش، مما يجعلهم أقرب إلى بعضهم البعض وكذلك لأعضاء التنظيم الذين يكتشفون الأطفال ذوي الموهبة الكافية لكسب صفة “شبل” في أحد معسكرات التدريب المخصصة للمجموعة. تقف البرامج التعليمية على النقيض من معاملة الجنود للأطفال في أفريقيا، الذين لا يتلقون في العادة أي نوع من التعليم، حيث لم تقم الميليشيات في ليبريا وأوغندا خلال حملاتهم بفتح المدارس للجيل القادم من المقاتلين. ينظر إلى الأطفال باعتبارهم مدافع فقط، مما يجعل التعليم شيء غير ضروري. انهم غير مهتمين في خلق توافق أيديولوجي، الشيء الوحيد الذي يحتاجونه هو اشخاص للقتال.

 يمتلك داعش الكثير من القواسم المشتركة مع جماعة “نمور التامل” السريلانكية ، والتي تستخدم الدعاية في المدارس لجذب المجندين الشباب، وقد اتبعت سياسات مماثلة من قبل الماويين في النيبال عندما حاربوا ضد الحكم الملكي في البلاد خلال الحرب الأهلية التي دامت عشرة سنوات والتي بدأت في عام 1996. ووفقا للرجيندا شاكيا التابعة لمنظمة التنمية SNV الهولندية، استخدم الماويين التعليم لبناء الإحساس بالهوية في الأطفال الصغار من خلال منهج دراسي موحد. يفرض المتمردون التعليم على الفتيات بجعله الزامياً، ويقضون على التمييز على أساس الطائفة، و يدفعون المدرسين إلى الامتثال للقواعد واللوائح الخاصة بهم، وحظروا دراسة اللغة السنسكريتية. كان الرأي الأساسي للماويين هو أن التعليم أمر ضروري لخلق جيل جديد من الثوريون المستنيرون، مثل الجماعات السريلانكية والنيبالية، يولد داعش شعوراً بالفخر، والهيبة، والمنافسة في داخل الطلاب في “نادي الأشبال”، ليكون كل طفل مؤهلاً للتدريب العسكري ايضاً. يتم اعداد الطلاب الأصغر سناً في البداية كجواسيس وتشجيعهم على مراقبة والاطلاع على أفراد الأسرة أو الجيران الذين ينتقدون داعش أو يقومون بانتهاك احد قوانين الشريعة، يعرف هؤلاء المجندين الشباب ان القيام بعمل جيد يزيد من فرصهم في دخول معسكر تدريب الاشبال.

إذا نجحوا بذلك، فان الكل يخضع لعملية منهجية بنفس القدر، والتي تنطوي على التلقين والتدريب البدني. يقوم الأطفال بتقليد ادوار الكبار، حيث يرتدون زيا مشابهاً ويتعلمون اللغة العامية، كما ويتم تدريس الأطفال حول “الاعداء” (غير المؤمنين) وعن الاسباب التي توجب استئصالهم.

عندما يتعلق الأمر بالتدريب العسكري، فان هناك بعض التناقضات الكبيرة بين اشبال داعش والتكتيكات التي تدرس للجنود الأطفال أثناء النزاعات في ليبيريا، وسيراليون، وأوغندا، حيث تعتبر الميليشيات الأفريقية الأطفال كأعضاء ذوي مهارات اقل من الجيش، الذين يعتبرون ذي قيمة فقط بسبب شبابهم ووجودهم. يقول “ستيوارت ماسلن” ( منسق الائتلاف من أجل وقف استخدام الجنود الأطفال )، بأن الجنود الأطفال في أفريقيا يتلقون القليل من التدريب، وفي كثيرا من الاحيان يتم قتلهم، حيث يعدم هؤلاء الأطفال الذين يرفضون إطاعة الأوامر أو الذين يحاولون الهروب. على النقيض من ذلك، أعطى “نمور التامل” المجندين الجدد بنادق خشبية لإعدادهم لاستخدام السلاح. يصر ماسلن، وكذلك تشاتام هاوس في آسيا، فيلو جارو اتا هوغ، بأن الأطفال يخدمون أولا كرسل وجواسيس، ويستخدمون عند بلوغهم سن العاشرة، حيث يكونون اقوياء بما فيه الكفاية لاطلاق النار من البندقية. قد يتلقى الفتيان التدريب على القتال في وقت ابكر مما هو عليه عند الفتيات. من بين المجموعات المسلحة الفلسطينية، تجند الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأطفال للأنشطة الثقافية والتعليمية، حيث يتم تقييمهم للعضوية، ومع ذلك، لا يسمح للعضو بالتطوع في الجبهة الا اذا بلغ سن 18 عاما. وقد صمم داعش عملية منهجية لا لتخريج الات، ولكن لتخريج شباب مسلح كفؤ يتبنى حقا كل تعاليم التنظيم.

مثل غيرهم من الأطفال في المناطق التي تسيطر عليها داعش، يشهد الاشبال المجندين وبشكل روتيني عمليات الاعدام، والرجم، وقطع الرؤوس، الا ان الأشبال يتحولون من رؤية الإعدام الى مرافقة السجناء إلى مذابحهم، وفي احد الحالات يوزع الأشبال السكاكين للبالغين قبل قطع رؤوس المحاكمين، وأخيرا، على مدى الأشهر ال 14 الماضية، في العديد من الحالات نفذ هؤلاء الاشبال عمليات الإعدام بأنفسهم، حيث يعتبرهذا هو الاختبار النهائي والأكثر تطرفا لاثبات الولاء داخل المنظمة.

ان المعلومات عن الأشبال السابقين والموجودة في المنظمات غير الحكومية المحلية ترسم صورة قاتمة للحياة اليومية في المخيمات، حيث يتم دفع الأطفال إلى أقصى حدودهم الذهنية والبدنية، ويجبرون على النوم على الاماكن التي تنتشر فيها البراغيث، وحتى الآن، تعزز هذه التجارب الشعور بالألفة، وفي نهاية المطاف تتحول هذه السندات والوثائق إلى مصدر فخر شديد ما يقومون به. من ناحية أخرى لم يحصل الجنود الأطفال في الصراعات الأفريقية على التطبيق التدريجي للحياة العسكرية، حيث يتم فصلهم وعزلهم عن أسرهم بعيدا عن قراهم التقليدية في البادية، واجبارهم على قتل أفراد أسرهم من أجل تدمير خيارهم في العودة إلى ديارهم.

التخصص والتمركز

على الرغم من أن لأشبال داعش أدوار متعددة أو حتى متداخلة، الا ان الكثير منهم يتمتع بانجاز المهام المتخصصة، حيث يتم تعيين بعض في نقاط التفتيش أو أداء مهام الحراسة الشخصية، والتي قد تشمل أيضا ارتداء حزام ناسف، حتى ولو لم يكونوا انتحاريين فعليين، ومع ذلك، فقد بدأ داعش مؤخراً باستخدام الاطفال البالغين من العمر 14 عاما كانتحاريين في هذا الصيف. يتم نشر الأطفال الذين يبدون الاستعداد للتواصل والحاصلين على فهم أعمق للأيديولوجية الداعشية كمجندين لاطفال اخرين، حيث يعتمدون على الخطابات العامة كأداة تسمح لهم بتجنيد الأطفال الآخرين. ان تجنيد الأطفال لا يحفز البالغين على العمل فقط، الا أنه يغري المزيد من الأطفال إلى الانضمام للتنظيم مع وعود الحصول على مكانة، وهدف، وإعجاب من المسلحين والجمهور على حد سواء.

يطوف الأشبال المتخرجين حديثا علناً ​​في الزي الكامل مع أسلحة كثيرة للإشارة إلى قوتهم وانضباطهم. في أشرطة الفيديو الدعائية، يطلب منهم الوقوف بينما يتلقون الضرب من القادة الكبار، وفي الخلفية، يظهر العشرات من الأطفال الأصغر سنا الذين تبدوا عليهم علامات الاستغراب والإعجاب.تتكرر هذه الدورة نفسها مع كل موجة من الخريجين لسحب المزيد من الأطفال المجندين .

ان الأولوية الأولى للمنظمات الإرهابية هو البقاء على قيد الحياة، ولذلك فام ضمان الاستمرارية وطول العمر للمجموعة الرئيسية هو المفتاح. ان داعش أكثر تعقيدا من المنظمات الإرهابية في الماضي، مثلها مثل جهودها لتطوير الجيل القادم. قد يكون التنظيم على بينة من مبادئ التجنيد التي وضعتها العديد من الجماعات المسلحة في جميع أنحاء العالم، الا انها تطور شكلاً خاصا بها للبقاء على قيد الحياة من خلال الجمع بين التدريب البدني والعسكري المكثف، مع مستويات عميقة من التلقين النفسي، التي نادراً ما توجد حتى في تجنيد الإرهابيين الكبار، في الواقع، صمم داعش عملية منهجية لا لتخريج الات، ولكن لتخريج شباب مسلح كفؤ يتبنى حقاً كل تعاليم التنظيم.

في نظم الجنود الأطفال في أفريقيا، لايتم تجنيد الأطفال للمستقبل، ولكن يتم تحضيرهم للوقت الحاضر، حيث يقتل الكثير منهم في المعارك، وقلة فقط تتقدم في الصفوف ليصبحوا قادة الكبار في المجموعة. ينظر داعش نظرة ابعد من هذه، ولذلك فان ما قد عمل في افريقيا من نزع السلاح، والتسريح، وبرامج إعادة الدمج (الأدوار التحويلية بمساعدة من الأسرة، والمجتمع، والتعليم، والسلطات الدينية) قد لا يعمل في سوريا، حيث جرت الاستفادة من هذه المؤسسات، والسيطرة عليها، وتشويهها من قبل داعش.

إذا أردنا أن يكون هناك أي أمل في إعادة دمج هؤلاء الأطفال الذين سيبقوت على قيد الحياة ويتركوا داعش، فان هناك شيء واحد مؤكد، سيتطلب هذا البرنامج مستوى من التنسيق والإبداع مختلف عن ما هو معروف الى الآن، سيتطلب التسريح نهج متعدد الجوانب لمعالجة الصدمات النفسية، الناتجة من مشاهدة الإعدامات والمشاركة في أعمال العنف، التي يعاني منها الأطفال، سيحتاج الأطفال ايضا لإعادة تأهيل تعليمي حتى يتمكنوا من نسيان التشويه في العقيدة الإسلامية، فضلا عن التدريب المهني وقد يعاني هؤلاء الأطفال من مشاكل في التنشئة الاجتماعية، حيث توجد احتمالية افتقارهم للقدرة على التعاطف والتواصل. في حين وجود برامج علاج الأطفال في المنظمات المسلحة (على سبيل المثال ساباوون في وادي سوات في باكستان)، الا ان أسر الاطفل ستلعب دوراً إيجابياً في إعادة دمج ابنائهم. مع داعش، ان الأسرة هي التي شجعت وعرضت الأطفال للعنف في المقام الأول، لذلك سيكون من الضروري فصل الأطفال عن اعضاء الاسرة، مما سيجعل التطبيع والعودة الى الحياة الطبيعية أكثر تحدياً، في حين أن هذا سوف يكون معقداً بالتأكيد ، ليس لدينا أي خيار سوى أن نبدأ بالتخطيط لذلك الآن.


 ميا بلوم|أستاذة الدراسات الأمنية في جامعة ماساشوستس لويل

رابط المصدر :

https://www.foreignaffairs.com/articles/2015-07-21/cubs-caliphate