ماجد نواز –صحيفة نيويورك تايمز

لندن – في الأسبوع الماضي، تم الكشف عن هوية الرجل الذي يدعى “جون الجهادي” عبر وسائل الإعلام في العالم باسم محمد اموازي ، وهو مواطن بريطاني كويتي المولد مسلم وحاصل على الجنسية من لندن, ليس ذلك فحسب بل أن أحد أخطر عناصر داعش المجندين من الغرب هو في الواقع خريج علوم كمبيوتر من جامعة وستمنستر.

واصيب العديد بالصدمة وذلك لأن أحد أخطر عناصر داعش الذي يظهر بوضوح في أشرطة الفيديو التي بثتها الدولة الإسلامية هو انسان متعلم و مدني و ينتمي للطبقة الوسطى. في الواقع، لقد تم اختراق المؤسسات الأكاديمية في بريطانيا لسنوات من قبل أفكار دينية خطيرة. وأود أن أعترف: كنت واحدا منهم.

جامعة وستمنستر معروفة جيدا بكونها بؤرة النشاط المتطرف, وقد تأثرت الجمعية الإسلامية في الجامعة بشكل كبير من قبل الجماعة الاسلامية المتطرفة التابعة لحزب التحرير والتي تسمح لدعاة الكراهية بالصعود على منابرها. في اليوم نفسه الذي تم فيه الافصاح عن هوية اموازي استضافت الجامعة المحاضر هيثم الحداد – وهو رجل متهم بمعادة المثلية الجنسية، والدعوة إلى تشويه الأعضاء التناسلية للإناث ويجاهر بأن الشعب اليهودي ينحدر من القردة والخنازير, وعُلق هذا الحدث من قبل الجمعية الإسلامية وليس من قبل سلطات الجامعة, وقد أقدمت الجمعية على اتخاذ هذا الأجراء بسبب مخاوف أمنية.

“الانترزم” “entryism” الإسلامي, وهو مصطلح وصف التكتيكات التي اعتمدتها ليون تروتسكي لأزاحة المنظمات الشيوعية المنافسة له في فرنسا في أوائل الثلاثينيات, لا زال يمثل مشكلة للجامعات والمدارس البريطانية. قبل عشرين عاما، لقد لعبت دوري باعتباري  Islamist entryist انترم إسلامي في الكلية.

لقد ولدت وترعرعت في إسيكس، خارج لندن، لأسرة باكستانية تمتلك دخلاً و تعليماً جيداً, ولكني جئت من الجيل الذي عاصر الإبادة الجماعية التي تعرض لها مسلمو البوسنة في الجانب الآخر من أوروبا, أن هذا الرعب، إلى جانب العنف الذي تعرضت له في بريطانية من قبل العنصريين البيض ، أدى الى انفصالي عن بقية المجتمع.

كان لي لدي عقل يقوم باستجواب الأحداث العالمية مصحوباً بميل قوي نحو جذوري الإسلامية ، ولكني كنت أفتقر إلى النضج العاطفي لفهم هذه الأمور, وبالتالي أصبحت جاهزاً للتجنيد من قبل الإسلاميين, وهذا أدى الى تجنيدي من قبل الشخص المسؤول عني بنفسه والذي جاء مباشرة من الكلية الطبية في لندن.

كان ينتمي إلى حزب التحرير وهي جماعة ثورية إسلامية دولية تأسست في عام 1953، في بادئ الأمر كانت الحركة تروج من أجل إحياء الخلافة مع نسخة من الشريعة الإسلامية. على عكس تنظيم القاعدة، وللوصول إلى السلطة يقوم حزب التحرير بالانقلابات العسكرية، وليس الإرهاب.

والاشخاص المسؤولون عن التجنيد برعوا في التلاعب في الأحداث العالمية لتقديم ما أسميه بـ”سرد الإسلاميين” حيث يقوم على فكرة أن العالم في حالة حرب مع الإسلام، وإن الخلافة وحدها هي من ستحمي المسلمين من الصليبيين, كنت مغوياً بهذه الأيديولوجية وغرقت في ثقافتها البديلة عن الاسلام الذي نمتلكه.

في سن 16 عاماً، اعتمدت أفكار حزب التحرير بكل إخلاص وقد طُلب مني الانخراط في كلية نيوهام، مؤسسة تعليمية تدعمها الدولة في شرق لندن، وذلك بهدف اكتساب مكانة بارزة في الحرم الجامعي وتجنيد الطلاب الآخرين لهذه القضية وعندما انتخبت رئيساً لأتحاد الطلبة، واستغليت سذاجة الكلية لتحفيز الطلاب للتصويت لي وبالتالي تعزيز سيطرتنا داخل الجامعة.

والمناخ السام الذي خلقته مع مؤيديي في نيوهام كان خطراً لدرجة أن في عام 1995 قام حارسي الشخصي بطعن طالب من غير المسلمين حتى الموت وهو في الحرم الجامعي لأعلاء كلمة “الله أكبر!” . أُدين القاتل، سعيد نور، بتهمه القتل.

بعد ذلك الحادث قامت الجامعة بطردي, وبالرغم من هذا فإن نشاطي لم ينتهِ عند هذا الحد حيث قمت بتجنيد ضباط الجيش الشباب في باكستان وفي مصر وحثهم على الاطلاع على الاجندة الثورية لحزب التحرير والانضمام إليها . وفي عام 2001، تم اعتقالي من قبل الشرطة السرية للرئيس المصري حسني مبارك. خلال السنوات الأربعة في سجن القاهرة، أعدت التفكير في أيديولوجيتي الإسلامية، وتخليت عنها في نهاية المطاف, وبعد اطلاق سراحي من السجن أخذت بالعمل على مكافحة التطرف وتعزيز حقوق الانسان.

ولا تزال الجمعية الإسلامية في جامعة وستمنستر، مثل الجمعيات الأُخريات في الجامعات في جميع أنحاء بريطانيا، مستهدفة من قبل المتطرفين.  وينبغي على مثل هذه المؤسسات التي تحمي حرية التعبير أن تمنع أي متحدث يريد ايصال رسائل مسممة بالكراهية والعنف للجمهور.

يدعو هؤلاء المتحدثون لنشر الدعوة الإسلامية، لكن دعواهم مسيسة في أغلب الاحيان، وتدعو إلى دين متطرف. وإنه من السهل بمكان أن يقع شخص مثل السيد اموازي في شباك دعاة الكراهية. منذ فترة طويلة والشباب المتعلم أصبحوا موضوع النقاش فيما يتعلق بأسباب الجهاد.

وفي الشهر الماضي، ساد الذعر في بريطانيا عندما شاع خبر أن ثلاث شابات مراهقات من أكاديمية بيثنال غرين، قد انضممن إلى الدولة الإسلامية. ووفقاً للأهالي وزملاء الطالبات خديجة سلطانة وأميرة عباسي وشميمة بيجوم كن من الطالبات المتفوقات جدا في الاكاديمية.

إن تحدي فكرة اقامة دولة فلسطينية، ونظرية الديمقراطية, وقوة السياسة في الشرق الأوسط تأخذ درجة كبيرة من التطور الفكري، ولكنها لا تجعل الشاب المثالي أقل عرضة للاستغلال من قبل مجندين ماهرين ينتمون الى منظمات متطرفة حتى اذا كان هؤلاء الشباب متفوقين دراسياً فإنهم قد يعانون من أزمة هوية أو مظلومية وهذا ما تعول عليه المنظمات المتطرفة.

إن الرغبة في فرض أي دين على مجتمع ما هي فكرة بغيضة بطبيعتها، ولكن الأمر ليس كذلك بين كثير من المسلمين البريطانيين. على مدى عقود، سُمح للدعاة الإسلاميين بالعمل من دون قيود عبر مجتمعاتنا، لدرجة أن الإسلام أصبح النموذج الافتراضي للتعبير السياسي لكثير من الشباب المسلم في بريطانيا ومختلف أنحاء أوروبا.

وإن قفزة اي شخص من كونه مراهقاً بريطانياً عادياً الى عضو في الدولة الإسلامية هي قفزة كبيرة, ولكنها تعد خطوة أصغر بكثير لشخص نشأ في مناخ يقوم على أحلام إحياء الخلافة وفرض شكل مشوه للإسلام. ولن نوقف آفة التطرف حتى نواجه هذه الشرعية المستمدة من الخطاب الاسلامي على مستوى القاعدة الشعبية.

رابط المصدر:

The Education of ‘Jihadi John’