م.م ايلاف خضير عباس/ جامعة بغداد/ مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية
تعاود العقوبات الامريكية على إيران من جديد في اجتماع مجلس الامن الدولي الأخير، بعد رفض مشروع روسي -صيني لتأجيلها، هذه العودة القسرية للعقوبات تعكس استمرار الخلافات والتوترات بين إيران والغرب، هذا جعلنا أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل النظام الإيراني، وانعكاسات الضغوط الاقتصادية على الداخل السياسي والاجتماعي للدولة؟
التداعيات الاقتصادية والاجتماعية
عند الحديث عن العقوبات الامريكية السابقة نرى ان تداعياتها قد اطالت المجتمع الإيراني قبل نظامه، فقد أدى الى: تراجع صادرات النفط، تفاقم البطالة، انهيار العملة الإيرانية ( التومان)، ارتفاع التضخم، كل هذه الأوضاع جعلت المواطن الإيراني العادي أمام تحديات يومية، كيفما الان إذا عاودت العقوبات من جديد ومن الممكن ان تكون أكثر قسرية من السابق، هذا يجعل الداخل الإيراني في لحظة انفجار اجتماعي قائم، يؤدي إلى اشعال موجات احتجاجية كما حصل في أعوام (2019) و (2022)، خاصة في ظل غياب حلول اقتصادية حقيقية.
الانعكاسات السياسية على النظام
يمتلك النظام الإيراني أدوات قوية لضبط الداخل، على الرغم من الأثر الكبير للعقوبات، فالحرس الثوري وأجهزة الأمن يشكلون خط الدفاع الأول عن النظام، لكن مع ذلك، إن استمرار الضغوط الاقتصادية قد يؤدي إلى تأكل الشرعية الشعبية للنظام ولشخص المرشد الأعلى علي خامنئي، وينبثق من هذا تساؤل: هل سيختار النظام التشدد أكثر لحماية نفسه، أم يقدم تنازلات تكتيكية ليخفف الضغط؟
الموقف الأمريكي ورهاناته
أن الولايات المتحدة الامريكية تراهن على إن العقوبات ستضعف النظام وتجبره على العودة إلى طاولة المفاوضات من جديد وبشروط جديدة، لكن هذه الاستراتيجية تنطوي على مخاطر، منها: دفع إيران إلى تسريع برنامجها النووي كوسيلة للردع، أو تعزيز قبضتها الأمنية بما يؤدي إلى المزيد من العزلة والقمع الداخلي، ومن ثم فأن العقوبات قد تحقق أهدافا محدودة، لكنها لا تضمن أحداث تغيير جذري في سلوك النظام.
تضعنا هذه التداعيات والتساؤلات أمام عدة سيناريوهات مستقبلية ترجيحية
السيناريو الأول: احتجاجات اجتماعية تتحول إلى سياسية وتهدد استقرار النظام.
السيناريو الثاني: تعزيز القبضة الأمنية على حساب الحريات.
السيناريو الثالث: تنازلات نووية مقابل تخفيف جزئي للعقوبات.
وفي الختام، ان تجرية العقوبات تؤكد إن النظام الإيراني يمتلك القدرة على التكيف والمناورة، لكنه في الوقت نفسه يواجه تحديات متنامية داخلية وخارجية. العقوبات قد تُضعف المجتمع وتزيد الاحتقان لكنها لا تكفي إلى أحداث تغيير استراتيجي ما لم تقترن بسياسات أخرى تعالج جذور الأزمة بين إيران والغرب، وفي ضوء ذلك يبدو أن المستقبل في هذه الازمة سيتأرجح بين التشدد الأمني، وإمكانية تسوية محدودة، فيما يبقى احتمال التغيير الداخلي مرهونًا بمدى قدرة الشارع الإيراني على الصمود في وجه الضغوط والقمع.




