back to top
المزيد

    واحة البيان

    تحليل تطور التحالفات السياسية السنية في العراق:دراسة مقارنة بين انتخابات 2021 و2023

    علي مبارك عبدالنبي / باحث 

    المقدمة

    شهدت الساحة السياسية السنية، خلال انتخابات مجلس النواب العراقي لعام 2021 وما تلاها، بروز كيانات وتحالفات جديدة أسسها عدد من الشخصيات التي تراوحت بين من يمتلك خبرة سياسية سابقة، وآخرين يُعدّون حديثي العهد في العمل السياسي. ومن أبرز هذه الكيانات: تحالف تقدم، وتحاف عزم، وتحاف السيادة، التي ترأسها على التوالي كل من محمد الحلبوسي، ومثنى السامرائي، وخميس الخنجر.

    تهدف هذه الورقة إلى مقارنة أداء هذه التحالفات في انتخابات مجلس النواب لعام 2021 وانتخابات مجالس المحافظات غير المرتبطة بإقليم لعام 2023، وتحليل مؤشرات الصعود والتراجع لكل منها، مع استنتاج الاتجاهات العامة في سلوك الناخب السني خلال هذه الفترة.

    كما يسعى البحث إلى تقديم فهم أعمق للتفاعلات السياسية السنية من خلال تحليل الأداء الانتخابي والاتجاهات الجماهيرية، بما يسهم في رسم صورة أشمل لديناميكيات الصعود والتراجع داخل المكون السني.

    تعتمد الورقة على المنهج التحليلي المقارن، حيث جرت مقارنة نتائج انتخابات مجلس النواب لعام 2021 مع نتائج انتخابات مجالس المحافظات غير المرتبطة بإقليم لعام 2023. وقد استند التحليل إلى بيانات مفوضية الانتخابات، مع تتبع أداء التحالفات السنية الرئيسية: تقدم، وعزم، والسيادة.

    تم اعتماد التحليل الكمي للأصوات والمقاعد كمؤشر رئيس لقياس التحول في النفوذ السياسي، كما تم النظر في توزيع الأصوات جغرافياً لفهم ديناميكيات التغيير داخل المحافظات ذات الأغلبية السنية.

    الزعامة السنية

    برزت خلال هذه المرحلة ثلاث شخصيات محورية في المشهد السياسي السني:

    ·         محمد الحلبوسي: السياسي الأبرز، شغل منصب نائب في البرلمان، ومحفظ الانبار ثم رئيساً لمجلس النواب لدورة ونصف، ويملك نفوذاً قوياً داخل مؤسسات الدولة.

    ·         مثنى السامرائي: نائب في البرلمان، عُرف بنشاطه داخل تحالف “عزم”, ويعد من الشخصيات الصاعدة سياسياً

    ·         خميس الخنجر: لم يشغل مناصب تنفيذية أو تشريعية بعد 2003, ولكنه تصدر واجهة الزعامة السياسية السنية من خلال تأسيس التحالفات وإدارة الكيانات السياسية.

    إن وجود ثلاث زعامات سياسية تتنافس داخل المساحة الانتخابية نفسها وبين جمهور واحد، يعكس تبايناً في مصادر القوة بينها، بين من يستند إلى المنصب الرسمي، ومن يعتمد على المال السياسي أو النفوذ المجتمعي، مما ساهم في تشتت التمثيل السياسي السني بدلاً من توحيده.

     

    التحالفات السنية الثلاث

    في هذا السياق، نستعرض تعريفاً مبسطاً بالتحالفات السنية الثلاث، من خلال القيادة وتاريخ التأسيس، وذلك على النحو الآتي:

    أولا: تحالف تقدم

    تحالف “تقدم” هو أحد الكيانات السياسية الحديثة في العراق، ويمثل التوجه السني الأبرز منذ انتخابات عام 2018,مع تصاعد تأثير القوى السنية في المشهد السياسي العراقي. وقد تأسس التحالف رسمياً في عام 2021 بقيادة محمد الحلبوسي، الذي كان يشغل حينها منصب رئيس مجلس النواب العراقي.

    جاء تأسيس “تقدم” في إطار محاولة لإعادة ترتيب “البيت السني” بعد تراجع نفوذ الكيانات التقليدية مثل الحزب الإسلامي وتحالف القوى العراقية. ضم التحالف عدداً من الشخصيات السياسية المعروفة، من نواب حاليين وسابقين، وشيوخ عشائر، وممثلين عن محافظات بغداد الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى. ويتكون تحالف “تقدم” من خمسة أحزاب سياسية هي: حزب تقدم برئاسة محمد الحلبوسي، المشروع الوطني العراقي، حزب البواسل الوطني، حزب الخيار العربي وحزب الحق الوطني.

    يهدف التحالف إلى تمثيل المناطق السنية بشكل بصورة منظمة، والمشاركة الفاعلة في تشكيل الحكومات، والدفاع عن قضايا المحافظات المتضررة من الحرب ضد عصابات داعش، بالإضافة إلى السعي لإعمارها وتحقيق نوع من التوازن السياسي مع الكتل الشيعية والكردية.

    ثانياً: تحالف عزم

    تحالف سياسي سني عراقي، أعلن تأسيسه في 9 كانون الأول 2021 ,وقد ضم عند انطلاقه نحو 34 نائباً في مجلس النواب العراقي. ترأس التحالف خميس الخنجر، ثم انتقلت رئاسته لاحقاً إلى مثنى السامرائي بعد انقسام داخلي.

    يتكون التحالف من خمس قوى سياسية شاركت في انتخابات البرلمانية العراقية لعام 2021 ,هي: تحالف عزم، حزب الجماهير، حركة حسم للإصلاح، نواب من كتلة العقد الوطني، والتحالف العربي في كركوك.

    ظهر “عزم” كرد فعل على حاجة بعض القوى السنية إلى تمثيل سياسي مغاير لتحالف “تقدم”, واستقطب عدة شخصيات لها حضور في المحافظات السنية، مع تركيز واضح على محافظة صلاح الدين وكركوك.

    ثالثاً: تحالف السيادة

    تحالف “السيادة” نشأ من رحم الخلافات داخل تحالف “عزم”, بعد صراع بين خميس الخنجر (رئيس التحالف حينها) ونائبه مثنى السامرائي، أدى هذا الخلاف إلى إقالة الخنجر من قيادة “عزم”، مما دفعه إلى تأسيس كيان سياسي جديد سُمّي ب “حزب السيادة”.

    وقد أعلن لاحقاً عن تحالف سياسي باسم “السيادة”, قاده الخنجر، وشارك به في انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023, بعد أن كان شريكاً في تحالف “السيادة” الأوسع مع “تقدم” في مرحلة ما بعد انتخابات 2021.

    وفي 28 تشرين الأول/أكتوبر 2024, أعلن خميس الخنجر استقالته من رئاسة الحزب، وذلك بسبب شموله بإجراءات “المساءلة والعدالة”, على خلفية اتهامات تتعلق بصلتة بحزب البعث.

    الانتخابات البرلمانية 2021

    شهدت انتخابان 2021 تنافساً بارزاً بين تحالف “تقدم” بقيادة محمد الحلبوسي وتحالف “عزم” بقيادة خميس الخنجر، وتركز التنافس في محافظات بغداد، الانبار، ديالى، وصلاح الدين، بينما برز حزب الجماهير برئاسة احمد الجبوري في صلاح الدين، ومثل التحالف العربي في كركوك الحضور السني في كركوك ذات الخصوصية القومية.

    وكانت نتائج الانتخابات في المحافظات ذات التمثيل السني كما يلي في الجدول رقم (1)

    الجدول رقم (1) نتائج انتخابات البرلمانية 2021.

    المحافظة

    تقدم

    عزم

    اسم المحافظة

    عدد الأصوات الكلية

    عدد المقاعد الكلية

    عدد اصوات

    النسبة المئوية

    عدد المقاعد

    عدد اصوات

    النسبة المئوية

    عدد المقاعد

    بغداد

    1468250

    69

    139960

    %10

    11

    116308

    %8

    7

    الانبار

    436393

    15

    201439

    %46

    10

    77097

    %18

    1

    ديالى

    480702

    14

    68268

    %14

    4

    94926

    %20

    4

    صلاح الدين

    426574

    12

    56863

    %13

    2

    71284

    %17

    1

    نينوى

    799991

    33

    123080

    %15

    8

    58831

    %7

    1

    كركوك

    411147

    12

    42290

     

    1

     

     

     

    بابل الدائرة 4

    156592

    5

    10560

     

    1

     

     

     

    الجدول من اعداد الباحث بالاعتماد على نتائج الانتخابات الرسمية [1]

    كما يبيّن الجدول رقم (1)، أظهرت نتائج انتخابات 2021 تفوقاً واضحاً لتحالف “تقدم” بزعامة محمد الحلبوسي على تحالف “عزم” برئاسة خميس الخنجر، سواء من حيث عدد الأصوات أو المقاعد.

    في بغداد، حصل “تقدم” على 139,960 صوتاً بنسبة 10% نال بها 11 مقعداً، مقابل 116,308 صوتاً ل “عزم” بنسبة 8% حقق بها 7 مقاعد.

    في الانبار، معقل “تقدم”, حصل على 201,439 صوتاً (%46) و10 مقاعد، مقابل 77,097 صوتاً ل “عزم” (%18) نال بها مقعداً واحداً فقط، نتيجة تشتت الأصوات ضمن نظام الدوائر المتعددة، وهو ما يعكس قوة تقدم في بناء قاعدة جماهيرية قوية في المحافظة.

    في ديالى، تفوق “عزم” بالأصوات (94,926 مقابل 68,268)، ولكن كلا التحالفين حصلا على 4 مقاعد.

    في صلاح الدين، حصل “عزم” على 71,284 صوتاً (%17) مقابل 56,863 صوتاً ل “تقدم” (%13)، لكن “تقدم” نال مقعدين مقابل مقعد واحد ل “عزم”, وهنا تكرّر تفوّق تحالف “عزم” في عدد الأصوات في ديالى وفي صلاح الدين، ولكن تفّوق تحالف “تقدم” بعدد المقاعد في

    صلاح الدين وتساوى الطرفان في ديالى. وهذا يدل على أن “تقدم” كان أكثر دقّة في دراسة

    الخارطة الانتخابية وتوزيع مرشحيه، إذ احتسب مناطق جمهوره بصورة أدق، مما يُعدّ نجاحاً في إدارة الانتخابات بالنسبة للتحالف.

    في نينوى، نال “تقدم” 123,080 صوتاً (%15) و8 مقاعد، بينما حصل “عزم” على 58,831 صوتاً (%7) ومقعد واحد.

    في كركوك، حصل “تقدم” على 42,290 صوتاً (%10) ومقعد واحد، في حين لم يشارك “عزم”، مما يعكس غيابه عن الساحة الانتخابية في المحافظة ذات التركيبة المنوعة.

    أما في بابل (الدائرة الرابعة)، فقد حصل “تقدم” على 10,560 صوتاً (%7) ومقعد واحد.

    بمجموع النتائج، حصل “تقدم” على 37 مقعداً من خلال أكثر من 640 ألف صوت في سبع محافظات، مقابل 14 مقعداً ل “عزم” بنحو 418 ألف صوت.

     

    انتخابات مجالس المحافظات غير المرتبطة بإقليم- 2023

    انقسم المشهد السياسي السني في هذه الانتخابات إلى ثلاث قوائم رئيسية:

    حافظ تحالف تقدم على تماسكه، رغم وجود انسحاب بعض النواب وانضمام نواب اّخرين من كتل مختلفة، إلا أنه بقي كياناً سياسياً واحداً.

    أما تحالف عزم، فقد انقسم الى قسمين نتيجة الخلاف بين خميس الخنجر ومثنى السامرائي، إذ انسحب الخنجر من التحالف، ليصبح مثنى السامرائي رئيساً لتحالف عزم.

    في المقابل، أسس خميس الخنجر حزباً جديداً باسم حزب السيادة، ومن المهم الإشارة إلى أن هذا الحزب يختلف عن تحالف السيادة الذي كان يضم كلاً من عزم وتقدم معاً بعد انتخابات 2021, وكان يُعد أكبر تحالف سياسي سني في تلك الفترة.

    يوضح الجدول رقم (2) نتائج الكيانات السياسية الثلاثة في المحافظات التي شاركوا فيها خلال انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023.

    المحافظة

    تقدم

    السيادة

    عزم

    اسم المحافظة

    عدد الأصوات الكلية

    عدد اصوات

    النسبة المئوية

    عدد المقاعد

    عدد اصوات

    النسبة المئوية

    عدد المقاعد

    عدد اصوات

    النسبة المئوية

    عدد المقاعد

    بغداد

    878116

    140819

    %16

    9

    74563

    %9

    4

    62865

    %7

    4

    الانبار

    454850

    163102

    %36

    6

    42367

    %9

    2

    37574

    %8

    1

    ديالى

    443120

    79934

    %18

    4

    73927

    %17

    3

    44061

    %10

    1

    صلاح الدين

    405160

    51159

    %13

    2

    49766

    %12

    2

    64270

    %16

    2

    نينوى

    906269

    74188

    %8

    2

    75074

    %8

    3

    46648

    %5

    1

    الجدول من اعداد الباحث بالاعتماد على نتائج الانتخابات الرسمية[2]

    يوضح الجدول رقم (2) نتائج انتخابات مجالس المحافظات غير مرتبطة بإقليم 2023 , في خمس محافظات رئيسية هي: بغداد، الانبار، ديالى، صلاح الدين، ونينوى، والتي تعد مركز الثقل السكاني والسياسي للمكون السني في العراق. وقد شاركت في هذه الانتخابات ثلاث كيانات سياسية تمثل هذا المكون، وهي: تحالف تقدم، وتحالف العزم، وتحالف السيادة.

    أظهرت النتائج تفوقاً واضحاً لتحالف تقدم في الانبار بحصوله على 163,102 صوتاً بنسبة %36 (6 مقاعد)، مقابل 42,367 صوتاً للسيادة بنسبة %9 (مقعدين)، و37,574 صوتاً لعزم بنسبة %8 (مقعد واحد). وفي بغداد، حصل تقدم على 140,819 صوتاً بنسبة %16 (9 مقاعد)، متفوقاً على السيادة (74,563 صوتاً، %9) وعزم (62,865 صوتاً، %7)، حيث نال كل منهما 4 مقاعد. في ديالى، تقاربت نتائج تقدم والسيادة، حيث حصل على 79,934 صوتاً (%18) و4 مقاعد، والثاني على 73,927 (%17) و3 مقاعد، فيما حصل عزم على 44,061 صوتاً (%10) ومقعد واحد، أما في صلاح الدين، فقد حصلت الكيانات الثلاثة على مقعدين لكل منها، مع تفوق عزم بعدد الأصوات. وفي نينوى، تقدّم السيادة بثلاثة مقاعد، مقابل مقعدين لتقدم، ومقعد واحد لعزم. تُظهر النتائج استمرار هيمنة تقدم في الانبار وبغداد، وتفوق السيادة في نينوى، وعزم في صلاح الدين بفارق بسيط بعدد الأصوات.

    المقارنة بين نتائج 2021 و2023

    تعكس المقارنة بين الانتخابات البرلمانية لعام 2021 وانتخابات مجالس المحافظات لعام 2023 تحولات واضحة في موازين القوى السنية. يوضح الجدول رقم (3) الفروقات على مستوى عدد المقاعد

     

    اسم المحافظة

    نتائج انتخابات 2021

    انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023

    تقدم

    عزم

    تقدم

    السيادة

    عزم

    عدد المقاعد

    عدد المقاعد

    عدد المقاعد

    عدد المقاعد

    عدد المقاعد

    بغداد

    11

    7

    9

    4

    4

    الانبار

    10

    1

    6

    2

    1

    ديالى

    4

    4

    4

    3

    1

    صلاح الدين

    2

    1

    2

    2

    2

    نينوى

    8

    1

    2

    3

    1

    الجدول من اعداد الباحث

    نلاحظ أن تحالف “تقدم” في بغداد كان الفارق بينه وبين “عزم” في الانتخابات البرلمانية لعام 2021 هو 4 مقاعد، بينما في انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023 أصبح الفارق مقعداً واحداً فقط، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن “السيادة” و”عزم” خاضا انتخابات 2023 بشكل منفصل، بينما كانا يشكلان تحالفاً واحداً في انتخابات .2021 لذا، فإن المقارنة ستفرض أن مجموع مقاعد “السيادة” و”عزم” في انتخابات 2023 يُمثّل أداء “عزم” في 2021.

    في الأنبار، كان الفارق بين “تقدم” و”عزم” في 2023 عشر مقاعد، بينما تقلّص الفارق في 2023 إلى ثلاثة مقاعد فقط.

    أما في ديالى، فقد بقي الوضع ثابتاً دون تغيير، حيث استمر التساوي في عدد المقاعد بين الطرفين.

    وفي صلاح الدين، حصل “تقدم” في 2021 على مقعدين مقابل مقعد واحد ل “عزم”, لكن في 2023, حافظ “تقدم” على مقعدين، بينما حصل كل من “عزم” و”السيادة” على مقعدين، أي اربعة مقاعد مجتمعين، مما يعني ان “عزم” و”السيادة” تمكّنا من تحقيق مكسب انتخابي في هذه المحافظة.

    أما في نينوى، فكانت نقطة التحول الأبرز، إذ حصل “تقدم” في 2021 على 8 مقاعد مقابل مقعد واحد ل “عزم”, لكن في 2023 تراجع “تقدم” إلى مقعدين فقط، أي فقد 6 مقاعد. بينما حصلت “السيادة” على 3 مقاعد و”عزم” على مقعد واحد، أي أربعة مقاعد مجتمعين، مما يعني أن الفارغ الذي كان لصالح “تقدم” ب 6 مقاعد، تحوّل إلى فارق من 4 مقاعد لصالح “عزم” و”السيادة”.

    وبذلك يمكن القول إن ” تقدم” تراجع في بغداد والانبار، وحافظ على وزنة في صلاح الدين وديالى، بينما تعرّض لتراجع كبير في نينوى.

    التحليل الرقمي للأصوات

    تُقاس الانتخابات بلغة الأرقام، لذا يستند هذا التحليل إلى مقارنة الأداء الانتخابي للتحالفات السنية خلال عامي 2021 و2023, مع التركيز على مؤشرات الصعود أو التراجع في النفوذ السياسي.

    في انتخابات 2021 , تنافس تحالفا “تقدم” و”عزم” بشكل مباشر، بينما شهدت انتخابات 2023 تنافساً بين “تقدم” و”عزم” و”السيادة”, سيتم جمع أصوات “عزم” و”السيادة” ما أدى إلى تعدد المنافسين داخل الساحة السنية.

    ولتقديم مقارنة دقيقة، تم احتساب مجموع أصوات “عزم” و”السيادة” في انتخابات 2023 كمكافئ لتحالف “عزم” في انتخابات 2021, استناداً إلى خلفية الانقسام التنظيمي بين الدورتين الانتخابيتين.

    جدول رقم (4) مقارنة بين أصوات التحالفات في انتخابات 2021 و2023, مع احتساب الزيادة أو النقصان في عدد الأصوات لكل تحالف.

    المحافظة

    تقدم

    تقدم فرق الأصوات

    عزم

    السيادة وعزم معاً

    السيادة وعزم فرق الاصوات

    2021

    2023

    2021-2023

    2021

    2023

    2021-2023

    بغداد

    139960

    140819

    859

    116308

    137428

    21120

    الانبار

    201439

    163102

    -38337

    77097

    79941

    2844

    ديالى

    68268

    79934

    11666

    94926

    117988

    23062

    صلاح الدين

    56863

    51159

    -5704

    71284

    114036

    42752

    نينوى

    123080

    74188

    -48892

    58831

    121722

    62891

    الجدول من اعداد الباحث

    وكما يوضّح الجدول رقم (4)، إلى أن تحالف “تقدم” كسب في بغداد 859 صوتاً زيادة عن عدد أصواته في انتخابات 2021 , وهو مكسب محدود نسبياً. أما في الانبار، المعقل الرئيسي لتحالف “تقدم”, فقد خسر 38,337 صوتاً، وهو مؤشر سلبي يُضعف موقف التحالف في المحافظة التي تُعد ثقله الانتخابي والسياسي.

     وفي ديالى، سجّل التحالف مكسباً جيداً بلغ 11,666 صوتاً مقارنة بعام 2021 , مما يُعد مؤشرا إيجابياً له في المحافظة. أما في صلاح الدين، فقد خسر 5,704 صوتاً، بينما سجّل أكبر خسارة له في نينوى بفارق 48,892 صوتاً مقارنة بانتخابات 2021.

    وبذلك، يمكن القول إن تحالف “تقدم” شهد تراجعاً في عدد الأصوات في محافظات الانبار، صلاح الدين، ونينوى، في حين كسب أصواتاً قليلة في بغداد، وكانت ديالى تمثّل مكسبة الأكبر.

     وبناءً على ذلك، فأن مجموع أصوات “السيادة” و”عزم” في انتخابات 2023 يُعد أكبر من مجموع أصوات “تقدم” في بعض المحافظات، بالرغم من بقاء “تقدم” في الصدارة من حيث عدد المقاعد وعدد الأصوات الكلية.

     

    سجل تحالف “تقدم” تراجعاً في عدد الأصوات في ثلاث محافظات رئيسية: الأنبار، صلاح الدين، ونينوى، مقابل مكاسب طفيفة في بغداد، وارتفاع ملحوظ في ديالى.

    بالمقابل، حقق تحالفا “عزم” و”السيادة” مجتمعين مكاسب ملحوظة في نينوى وصلاح الدين، وقلّصا الفجوة مع “تقدم” في بغداد والأنبار.

    يعكس هذا التحول تطوراً في سلوك الناخب السني، يُظهر انخفاض مركزية الزعامة التقليدية لصالح توزيع أكثر تنوعاً للثقل الانتخابي. كما يشير إلى أهمية الأداء الخدمي والإعلامي في تعزيز أو إضعاف الحضور السياسي للتحالفات.

    الخاتمة

    تُظهر نتائج المقارنة بين انتخابات 2021 و2023 أن المشهد السياسي السني في العراق يشهد حالة من التحوّل التدريجي في مراكز القوة. فبعد أن كان تحالف “تقدم” يتمتع بتفوق واضح، بدأت التوازنات تتغير لصالح تحالفي “السيادة” و”عزم”, خاصة في نينوى وصلاح الدرين.

    ويمكن تفسير هذا التراجع بعوامل عدّة، منها: ضعف الأداء الخدمي في بعض المحافظات، تصاعد الانقسامات داخل “تقدم”, واعتماد التحالف بشكل كبير على الزعامة الفردية، دون تجذير مؤسسي.

    من جهة أخرى أظهر الناخب السني استعداداً متزايداً لإعادة تقييم خياراته، والابتعاد عن “التحالفات المهيمنة” إذا لم تلبِّ تطلعاته، ما يجعل ساحة التنافس السني مفتوحة على جميع الاحتمالات في أي استحقاق مقبل.

     

     

     

     



    [1] النتائج النهائية لانتخابات مجلس النواب العراقي 2021, الموقع الرسمي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وقت الزيارة 23 يونيو/حزيران 2025, https://ihec.iq/result-2021/

    [2] النتائج النهائية للانتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم 2023، الموقع الرسمي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وقت الزيارة 18 يونيو/حزيران 2025 , https://ihec.iq/29239-2/

    اقرأ ايضاً