د. حيدر نعمة بخيت – جامعة الكوفة
إنّ صراع الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الكيان الإسرائيلي هو صراع طويل ومعقّد، بدأ منذ عقود، وتمثّل في التوترات السياسية والأيديولوجية والأمنية. وقد برز هذا الصراع بشكل واضح مع اندلاع الثورة الإيرانية ووصول الإمام روح الله الخميني (1900–1989) إلى الحكم، وإسقاط نظام الشاه عام 1979.
فـقبل الثورة، كانت إيران تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي (1919–1980) تُعدّ حليفاً رئيسياً للكيان في المنطقة، إذ كان هناك تعاون بينهما في مجالات متعددة، لا سيما في الجانب الأمني والاستخباري. إلا أنّ الوضع تغيّر جذرياً بعد الثورة الإيرانية التي أطاحت بالشاه وأدّت إلى تأسيس الجمهورية الإسلامية بقيادة الإمام الخميني. منذ ذلك الحين، أصبح الكيان يعدّ إيران تهديداً رئيسياً له، بسبب المواقف السياسية الإيرانية المتشددة، التي تُظهر دعماً للمجموعات المعادية لإسرائيل، مثل حزب الله في لبنان، وحركة حماس في فلسطين. في المقابل، اعتمد الكيان سياسة مواجهة تهديدات إيران، خاصة فيما يتعلّق بتطويرها برنامجاً نووياً يُخشى أن يُستخدم لأغراض عسكرية.
وعلى مرّ السنين، تصاعدت التوترات بشكل كبير، إذ تبادل الطرفان الاتهامات بالتحريض على العنف والإرهاب، ليُعدّ هذا الصراع اليوم أحد أكبر الصراعات في منطقة الشرق الأوسط. وفي العقدين الأخيرين، زادت حدّة الصراع، مما أدّى إلى تدخلات عسكرية إسرائيلية في سوريا ومناطق أخرى للحد من هذا التهديد. لكن الصراع لم يقتصر على المجال العسكري فقط، بل شمل أيضاً الصراع على النفوذ السياسي والدبلوماسي في الشرق الأوسط، إذ يسعى كلٌّ من الطرفين إلى تحقيق أهدافه الإقليمية عبر دعم حلفائه المحليين في بلدان المنطقة. وقد أصبح هذا الصراع المستمر أحد العناصر الرئيسية التي تحدد السياسة الإقليمية في الشرق الأوسط، وله تأثيرات بالغة الأهمية على الأمن والاقتصاد في المنطقة، بالإضافة إلى تأثيره المباشر على بنية التحالفات الدولية.
وتخلّل هذا الصراع تبادل للهجمات المباشرة وغير المباشرة بين الطرفين، قبل أن يصل إلى مستوى الحرب، عندما شنّ الكيان الصهيوني هجوماً جوياً واسعاً تحت اسم (الأسد الصاعد) فجر يوم 13 حزيران/يونيو 2025، استهدف عشرات المواقع الإيرانية، بالتزامن مع هجوم نفذه عملاء الموساد داخل إيران في محاولة لتغيير نظام الحكم. إلا أنّ هذه المحاولة باءت بالفشل، بعدما استطاعت إيران امتصاص الصدمة، ثم الردّ بهجوم صاروخي واسع بعد عشرين ساعة من بدء الهجوم الإسرائيلي، أطلقت عليه اسم (الوعد الصادق 3). وقد استمر القتال لاثني عشر يوماً، إلى أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصّل إلى اتفاق لوقف القتال بين الطرفين، وذلك يوم الثلاثاء الموافق 24 حزيران/يونيو 2025.
