وفاء فوزي – باحثة
 
المقدمة
لقد شكلت حقبة ما بعد الحرب في العراق، والتي اتسمت بعواقب الصراعات وعدم الاستقرار السياسي، مشهداً معقداً وصعباً للقطاع المصرفي في البلاد لاسيما بعد خروجها من ظل الحروب والاضطرابات الاجتماعية والسياسية اللاحقة، إذ واجهت المؤسسات المالية العراقية العديد من التحديات يأتي في مطلعها تدمير البنية التحتية في أثناء النزاعات، إلى جانب تعطيل الأنشطة الاقتصادية، ترك القطاع المصرفي يتصارع مع الأنظمة القديمة والتقدم التكنولوجي المحدود، وعلاوةً على ذلك أعاق تآكل ثقة الجمهور وتشريد المجتمعات المحلية إعادة تهيئة بيئة مالية مستقرة.
 إن الحاجة إلى إعادة الإعمار المالي أمر بالغ الأهمية، لأنه لا يعالج الضرر المادي فحسب، بل يهدف أيضاً إلى إعادة بناء الثقة بالنظام المصرفي، ولتحفيز الانتعاش الاقتصادي والنمو هناك ضرورة لتحديث البنية التحتية المالية، وتعزيز الخدمات المصرفية، وتبني حلول مبتكرة مثل المدفوعات الرقمية والتكنولوجيا المالية. يؤكد السياق التاريخي للعراق على الحاجة الملحة للشروع في رحلة من الانتعاش المالي، والاستفادة من التطورات التكنولوجية للتغلب على تعقيدات حقبة ما بعد الحرب ومواكبة الأنظمة العالمية المالية والدخول في حقبة جديدة من الاستقرار الاقتصادي والازدهار.
في السنوات الأخيرة شهدنا تطوراً ملحوظاً للتكنولوجيا المالية في العراق، من حيث المدفوعات الرقمية وتطبيقات الهاتف والمحافظ الإلكترونية الشائعة وصولاً إلى تصريحات الحكومة الحالية واهتمامها المباشر بأنظمة الدفع الإلكتروني، لا يمكن المبالغة في أهمية تحديث البنية التحتية المالية من خلال المدفوعات الرقمية وحلول التكنولوجيا المالية للانتعاش الاقتصادي والنمو، لا سيما في سياق الدول الخارجة من فترات الصراع وعدم الاستقرار السياسي والاقتصاد، إذ يؤدي اعتماد المدفوعات الرقمية والتكنولوجيا المالية إلى إحداث تأثير تحويلي على مختلف جوانب الاقتصاد، مما يساهم بشكل كبير في عملية إعادة البناء.
يمثل ظهور المدفوعات الرقمية في العراق تحولاً في المشهد المالي للبلاد، مما يعكس استجابة للاتجاهات العالمية والرغبة في تحديث الممارسات المصرفية التقليدية مدفوعة بالتطورات في التكنولوجيا وتغيير تفضيلات المستهلك، اكتسبت حلول الدفع الرقمية زخماً، مما يوفر الراحة والكفاءة والشمول المالي، إذ ساهم الانتشار المتزايد للهواتف الذكية والبنية التحتية المحسنة للإنترنت إلى تسهيل التبني الواسع النطاق للخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول والمعاملات عبر الإنترنت، شهد العراق زخماً في هذا السياق، خاصةً مع تزايد عدد الشباب الذين يتمتعون بعقلية بارعة في التكنولوجيا، طفرة في الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية والتعاون بين المؤسسات المالية ومقدمي التكنولوجيا، هذا التحول إلى المدفوعات الرقمية لا يبسط المعاملات المالية فحسب، بل يساهم أيضاً في تقليل الاعتماد على النقد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وفي الوقت الذي يمر فيه العراق بعصر ما بعد الحرب، يعكس تبني المدفوعات الرقمية التزاماً بالإنعاش الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وإنشاء نظام بيئي مالي مرن مهيأ للنمو المستدام في العصر الرقمي.
تعزز المدفوعات الرقمية والتكنولوجيا المالية الكفاءة من خلال تبسيط المعاملات المالية وتقليل الاختناقات البيروقراطية، وذلك من خلال رقمنة أنظمة الدفع، هذه الكفاءة ضرورية للانتعاش الاقتصادي؛ لأنها تسرع وتيرة التجارة والاستثمار والأنشطة الاقتصادية الشاملة.

لقراءة المزيد اضغط هنا