د. صادق طعمة خلف البهادلي – كلية الإدارة والاقتصاد جامعة المستنصرية
المقدمة
تعد الحاجة اليوم ملحة لتطوير الموازنة التقليدية الرخوة والهشة إلى موازنة مرنة ذات برنامج يحقق أهداف الموازنة الاتحادية في ظل هوية اقتصادية واضحة المعالم، موازنة مرنة تنموية تحقق أهداف التنمية المستدامة في تحقيق التحول الهيكلي والإصلاح المالي وتنويع مصادر الدخل القومي من أجل إعطاء فرصة أكبر للقطاع الخاص، إن بقاء المستويات العالية من الهشاشة والصراع والفساد، والاعتماد على النفط كمورد وحيد والإيرادات غير المستدامة يعيق تقدم البلاد نحو اقتصاد مستدام متنوع.
تناقش هذه الورقة البحثية جدلية التحول من الموازنة الهشة إلى الموازنة المرنة وكيفية تمويل النفقات المستدامة في ظل الإيرادات غير المستدامة وضرورة إعداد الموازنة العامة المرنة التي تأخذ بنظر الاعتبار التقلبات في أسعار النفط وزيادة التخصيصات المالية من أجل تنويع مصادر الدخل القومي والعمل على الرقمنة الضريبية والتحول الرقمي في التحصيل الضريبي من أجل مساعدة وزارة المالية في توزيع تخصيصاتها في ظل أولوية الشراكة بين القطاع العام والخاص، يهدف لك إلى تأسيس  اقتصاد يلعب فيه القطاع الخاص دوراً أكبر في إدارة النشاط الاقتصادي.
الورقة البحثية تقدم مجموعة من المقترحات والتوصيات لصانعي السياسة المالية، بهدف تحقيق التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية، علما أن الاتجاه الحالي للموازنة العامة يكرس تبعية النمو الاقتصادي للتقلبات في أسعار  النفط الخام، مما يعني تعرض الاقتصاد العراقي للمزيد من الصدمات والهشاشة المالية وأي توجه للإصلاح الاقتصادي ينبغي أن يتجه نحو تعزيز مساهمة الإيرادات غير النفطية من خلال الاهتمام بقطاعات الناتج غير النفطي لتعزيز التنمية والتنويع الاقتصادي في العراق، وسيتم تناول هذا الموضوع من خلال ثلاثة محاور كما يلي:
 المحور الأول: الموازنة العامة: المعنى والمفهوم والأهداف
المحور الثاني: الموازنة العامة بين الأداء التقليدي وغياب التنمية المستدامة
المحور الثالث: متطلبات النهوض من واقع الهشاشة بالموازنة إلى واقع التطور المرن لتحقيق التنمية المستدامة
المحور الأول: الموازنة العامة: المعنى والمفهوم والأهداف
أولاً: الموازنة العامة
معروف لدى الاقتصاديين أن الموازنة العامة هي الخطة المالية التخمينية للدولة للمدة الزمنية المقبلة، ويتم تحديدها عادة بسنة مالية، كونها تضم في ثناياها جانبين هما، النفقات العامة والإيرادات العامة وبذلك فإن علم المالية العامة يُعد كأحد أهم العلوم الاقتصادية يتناول بالاهتمام والدراسة أربع موضوعات (النفقات العامة، والإيرادات العامة، والموازنة العامة، ومن ثم الحسابات الختامية) التي هي مهمة ديوان الرقابة المالية الذي ينبغي عليه أن يقدم تقريره عن الموازنة بعد ستة أشهر من البدء بتنفيذها.
   وعلى الرغم من أن الموازنة العامة هي موضوع اقتصادي شكلاً ومضموناً إلا أن هذا لا ينفي الأبعاد السياسية والقانونية والاجتماعية التي تتميز بها في جوانبها المختلفة، وعلى ذلك يمكن القول إن للموازنة دوراً هاماً في معالجة الكثير من المشكلات الاقتصادية، بدءاً من معدل النمو الاقتصادي الذي ينبغي له أن يعبر عن أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة التي تكون الناتج المحلي الإجمالي ولا يقتصر على القطاع الحيوي النفطي لأن الاقتصار على التصدير النفطي يجعل الاقتصاد مشوهاً ويولد موازنة هشة كما هو حال الاقتصاد والموازنة  العراقية.

لقراءة المزيد اضغط هنا