عماد صلاح الشيخ داود -استاذ السياسات العامة والتنمية المستدامة بكلية العلوم السياسية جامعة النهرين
توطئة:
تُعد الانتخابات الحرة والنزيهة صورةً من صور نجاح الانتقال الديموقراطي وترسيخ آليات عمله في النظم السياسية الساعية إلى إدارة حكم ناجحة وفعالة، مما يستدعي حماية أهم عنصر من عناصر الحرية السياسية والتعبير عن الرأي من كل ما يشوب عمليات الاقتراع، من إشكالات سواء على الصعيد التنظيمي أو على صعيد الترويج أثناء مدة الحملات الانتخابية. بما يحول من إمكانية مشاركة الناخبين، وخاصة الشباب، والمراقبة القوية للانتخابات.
الحاجة إلى المشاركة الشبابية: يُعد الشباب عصب العملية الديموقراطية بكل مفاصلها، لما لهم من قدرات على المشاركة، وتنظيم الحملات الانتخابية، ورصد المشكلات العامة. وأية ديمقراطية في العالم يغيب عنها جيل الشباب، تًعد آلية انتقال مصابة بالعرج، وهو ما لا تلتفت إليه الكثير من دول العالم والمؤسسات المعنية بتنظيم الانتخابات. التي تكتفي بإعلان نسب المشاركة العامة في الانتخابات العامة وكأنها نهاية المطاف ، وتغفل الإعلان عن نسب المشاركة الشبابية فيها ، ما يعكس ضعف مسارات الاهتمام بالتنشئة السياسية لدى جيل المراهقين والشباب وبخاصة ضمن المناهج التعليمية ، التي حتى وإن وجدت فهي لا تعدو أن تكون اسقاط فرض بلا خشوع ، ويؤدي في نهاية المطاف إلى نفوق الثقافة السياسية الأداة الأهم لتعليم الشباب قيمة المشاركة الفعالة في الديموقراطية، وكذلك إلى غياب ما يُعرف اصطلاحاً « بالديموقراطية السائلة « التي تفسح المجال إلى تضمين الاجندة السياسية لبعض الموضوعات، عبر ما يتم الترويج له في المنصات الرقمية، كما هو معمول به في التجربة التايوانية « حين يلاقي أحد الاقتراحات المطروحة عبر تلك المنصات دعماً من خمسة آلاف شخص على الأقل، يُوضع هذا الاقتراح تبعاً لذلك على الأجندة السياسية، حيث يتم تطبيقه بالاشتراك مع جميع المشاركين، بما فيهم من أرسلوا الاقتراح أنفسهم. حتى وأن لم يبلغ هؤلاء سن الرشد بعدُ»
حساب مشاركة الناخبين: يُعد هذا الحساب أمراً بالغ الأهمية لقياس مدى مصداقية وفعالية الانتخابات. كما يشير أيضاً إلى مستوى المشاركة بين الأفراد، ولذلك، يجب تسجيل جميع البيانات التي تم جمعها بدقة دون حذف أو تلاعب، ويترتب على المؤسسات المعنية بتنظيم الانتخابات مراقبة مشاركة الناخبين على نحو جاد لأنهم يلعبون دوراً أساسيا في صنع القرار من خلال الوكالة النيابية التي منحوها إلى ممثليهم، فإذا ماكانت نسب المشاركة منخفضة، يتوجب على تلك المؤسسات  السعي إلى تصحيح الأوضاع من خلال معالجة المشاكل المتعلقة بالعملية الانتخابية،حين  تلعب عوامل عدة أدوارها  في ذلك (كالعمر والتعليم والعرق والمهنة والوضع الاجتماعي والاقتصادي والمرشحين والقضايا التي يتم التصويت عليه)
وجرت العادة لحساب مشاركة الناخبين في الانتخابات معرفة عدد الأشخاص المؤهلين للتصويت لأنها ستساعد على تجنب الأخطاء في الحساب. والخطوة التالية هي تحديد عدد الأصوات المدلى بها لأنها تمثل عدد الأفراد الذين شاركوا في الانتخابات فعلاً (ويجب أن يتم عد أوراق الاقتراع بدقة وإعادة فرزها). وتوفر العمليات الرقمية أفضل طريقة لضمان فرز بطاقات الاقتراع، كما يجب حساب عدد الناخبين الذين امتنعوا عن التصويت، إذ لايمكن التغاضي عن ذلك لأن الامتناع عن التصويت لا يزال جزءاً من العملية الديموقراطية (يمكن أن يعطي نظرة ثاقبة لمستوى مشاركة الناخبين). وبمجرد الاستيثاق على البيانات السابقة يمكن تحديد نسبة مشاركة الناخبين. ويتم حساب ذلك بقسمة عدد الأصوات التي تم الإدلاء بها على إجمالي عدد الناخبين المؤهلين، مضروبة في مائة. وتمثل النسبة المئوية الناتجة نسبة الناخبين المؤهلين الذين شاركوا في العملية الانتخابية، وهي دليل على تقييم الجمهور لأداء وفاعلية (الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات).  ضمن دورات السياسات العامة السابقة التي تشكل قوتها وفاعليتها إحدى مؤشرات ارتفاع نسب المشاركة أو انخفاضها في الانتخابات التي تلي تنفيذها (أي دورات السياسات العامة المذكورة) لأن الثقة المكتسبة من وراء حسن الأداء هي التي تحفز الناخب للذهاب من جديد إلى صندوق الاقتراع وإعادة تجديد وكالته النيابية إلى من يمثله.

لقراءة المزيد اضغط هنا