وفاء فوزي حمزة – باحثة
تلعب حرية الإنترنت، وهي جانب أساسي من جوانب حرية التعبير والوصول إلى المعلومات، دوراً مهماً في تشكيل المشهد الاجتماعي والسياسي في العراق، كما هو الحال في العديد من الدول الأخرى، شهدت حالة حرية الإنترنت سلسلة من التقلبات والتحديات على مر السنين، لفهم الوضع الحالي لحرية الإنترنت في العراق، نحتاج إلى دراسة سياقها التاريخي، والتحديات التي واجهتها، والخطوات المتخذة لمعالجة هذه القضايا.
السياق التاريخي
كانت حرية الإنترنت في العراق قضية معقدة ومتشابكة بعمق مع تاريخ البلاد المضطرب. في السنوات التي أعقبت عام 2003، شهد العراق طفرة في انتشار الإنترنت والاتصالات الرقمية كان هذا تطوراً إيجابياً، حيث سمح للمواطنين بالوصول إلى المعلومات والتعبير عن آرائهم بطرق كانت مقيدة في السابق.
اعتباراً من عام 2023، لا يزال وضع حرية الإنترنت في العراق موضع قلق. في حين حققت البلاد تقدماً من حيث توسيع الوصول إلى الإنترنت الى أكبر عدد ممكن من المناطق والأفراد، فإن هناك تحديات وقيوداً كبيرة تؤثر على حرية التعبير والوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت.
واحدة من القضايا الرئيسية التي تؤثر على حرية الإنترنت في العراق هي الرقابة الحكومية. من المعروف أن الحكومة العراقية تمنع أو تقيد الوصول إلى بعض المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك التي تنتقد الأداء الحكومي، غالباً ما يتم تبرير هذه الرقابة على أسس الحفاظ على الأمن القومي أو حماية النظام العام، ولكنها تكون ذات تأثير على حرية الرأي والتعبير وتحد من قدرة الأفراد على الوصول إلى مصادر متنوعة للمعلومات عبر الإنترنت.
بالإضافة إلى الرقابة، كانت هناك تقارير عن مراقبة الأنشطة عبر الإنترنت من قبل الجهات الحكومية المسؤولة عن ذلك، يتضمن ذلك مراقبة منصات الوسائل الاجتماعية وقنوات الاتصال الأخرى عبر الإنترنت، الأمر الذي يؤدي الى انتهاك حقوق الخصوصية للفرد، كذلك تخلق جواً من الخوف والرقابة الذاتية بين مستخدمي الإنترنت.
علاوةً على ذلك، كانت هناك حالات أوقفت فيها الحكومة العراقية خدمات الإنترنت في أوقات الاضطرابات السياسية أو الاحتجاجات أدت عمليات الإغلاق هذه التي يشار إليها غالباً باسم «انقطاع الإنترنت»، إلى الحد بشدة من قدرة الأشخاص على التواصل والتنظيم والوصول إلى المعلومات.
من التحديات التي تواجه حرية الانترنت هي الأعراف الاجتماعية والثقافية. في مجتمع يغلب عليه الطابع المحافظ، هناك حالات تؤثر فيها الأعراف المجتمعية على المحتوى والسلوك عبر الإنترنت، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الرقابة الذاتية بين مستخدمي الإنترنت الذين يخشون رد الفعل العنيف أو الاضطهاد نتيجة للتعبير عن وجهات النظر الشائعة في تلك المجتمعات.
التحدي الآخر الذي يواجهه مستخدمو الإنترنت في العراق هو وجود جهات فاعلة من غير الدول تسعى للسيطرة على المحتوى عبر الإنترنت أو التلاعب به بحسب أجندات معينة. على سبيل المثال استخدمت الجماعات المتطرفة مثل تنظيم داعش الإنترنت كأداة للتجنيد ونشر الدعاية الخاصة بها. وقد أدت الجهود المبذولة لمواجهة هذه الروايات المتطرفة في بعض الأحيان إلى تدابير مفرطة تقيد الأنشطة المشروعة على الإنترنت.
وعلى الرغم من هذه التحديات، حدثت بعض التطورات الإيجابية في السنوات الأخيرة، إذ اتخذت الحكومة العراقية خطوات لتحسين البنية التحتية للإنترنت وتوسيع الوصول إلى المناطق المحرومة. كذلك ساعد انتشار الإنترنت عبر الهاتف النقال بشكل كبير للاتصال بالعالم الرقمي بالإضافة إلى ذلك تُواصل منظمات المجتمع المدني والناشطون الدعوة إلى حرية الإنترنت والعمل على زيادة الوعي بالحقوق الرقمية للفرد إذ كان لهم دور فعال في الدعوة إلى بيئة أكثر انفتاحاً وأماناً على الإنترنت.
وفقاً لبيانات الاتحاد الدولي للاتصالات، اعتباراً من عام 2021 كان حوالي 40 ٪ من السكان لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت، اتخذت الحكومة خطوات لتحسين الاتصال من خلال الاستثمار في مشاريع البنية التحتية وتوسيع خدمات النطاق العريض ومع ذلك، فإن هذه الجهود تعرقلها الشواغل الأمنية المستمرة والموارد المحدودة.

لقراءة المزيد اضغط هنا