د. عبير سهام مهدي – كلية العلوم السياسية/ جامعة بغداد                                    
د. عمار حميد ياسين – كلية العلوم السياسية/ جامعة بغداد  
مدخل:
بدأت الدول الكبرى تشكيل النظام العالمي، والتوجه نحو توظيف البدائل الاقتصادية لتعويض الخسائر الفادحة التي أصابت معظم دول العالم في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. إذ برزت التجمعات الاقتصادية على الساحة الدولية، لاسيما فيما بين الدول الرأسمالية. ثم أخذت تلك التجمعات تتزايد لتصبح ظاهرة في العلاقات الدولية منذ العقد الأخير من القرن الماضي، الأمر الذي جعلها سمة مميزة للنظام العالمي الجديد.
تعزز هذا التوجه نحو التجمعات الاقتصادية، على خلفية ما أحدثته عملية العولمة من تحولات في الهيكلية البنيوية الاقتصادية العالمية، وما أفرزته من تداعيات سلبية فاقت قدرة أي دولة بمفردها، أو أي تجمع بمفرده على مواجهتها، فضلًا عن مواجهة تداعياتها التي تمثّلتْ في إعادة توزيع مراكز القوى والأدوار الاقتصادية لغير صالح القوى التي كانت مهيمنة تاريخياً. وفي خضم تلك التداعيات الجيوسياسية والجيواقتصادية، بدأت العديد من التجمعات الإقليمية والدولية تعيد صياغة أنماطها من جديد وذلك لمواكبة التطورات الجارية، بما يعزز من ديناميكية وخصوصية تفاعلاتها وتأثيراتها على واقع النظام الدولي واتجاهاته المستقبلية.
في أطار ذلك تُعد مجموعة العشرين (G20) المنتدى الأول للتعاون الاقتصادي الدولي، إذ تلعب دوراً مهماً في تشكيل وتعزيز الهيكل العالمي والإدارة بشأن جميع القضايا الاقتصادية الدولية الرئيسة. وتهدف إلى الجمع الممنهج لعدد من الدول المهمة لغرض النقاش والتشاور في قضايا أساسية تخص الاقتصاد العالمي.
يعود السبب الرئيسي لتأسيس مجموعة العشرين إلى الأزمة المالية لعامي 1997 و1998 التي أظهرت ضعف النظام المالي الدولي في ظل عولمة العلاقات الاقتصادية، إذ تأسست مجموعة العشرين في عام 1999 أي بعد تداعيات الأزمة المالية الآسيوية في الفترة 1997 – 1998 كمنتدى غير رسمي لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في أهم الاقتصادات الصناعية والنامية لمناقشة الاستقرار الاقتصادي والمالي الدولي و القضايا الاقتصادية والمالية العالمية، وتعقد مجموعة العشرين سنوياً تحت قيادة رئاسة دورية، لقد اتخذ القرار حول تأسيس مجموعة العشرين في لقاء وزراء المالية ورؤساء المصارف المركزية لسبعة من بين أكبر الاقتصادات عالمياً، وهي بريطانيا وإيطاليا وكندا والولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا، في واشنطن أيلول من العام 1999. حينها، جرى مؤتمر تأسيس المجموعة كمنتدى لوزراء المالية ومحافظي المصارف المركزية في برلين في ديسمبر/كانون الاول من العام 1999. وتتولى الهند حاليا رئاسة مجموعة العشرين في الفترة من 1 ديسمبر/كانون الاول 2022 إلى 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.  وتضم مجموعة العشرين G20، الآن 19 (الأرجنتين، أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، جمهورية كوريا، المكسيك، روسيا، المملكة العربية السعودية، جنوب إفريقيا، تركيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي).
بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، رفع مستوى المجموعة إلى قادة الدول الأعضاء عندما أصبح واضحاً أن التنسيق اللازم للتعامل مع الأزمات لن يكون ممكناً إلا على أعلى مستوى سياسي. وفي نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2008، عُقدت أول قمة لقادة المجموعة في واشنطن. ولاحقاً، تم توسيع جدول أعمال مجموعة العشرين ليتجاوز القضايا الاقتصادية ويشمل القضايا الاجتماعية والاقتصادية والتنموية. وقد شكلت بعض الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، مثل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، تكتلاً منفصلاً أطلق عليه توصيف (بريكس)، ومن المقرر أن يتوسع تكتل بريكس، حيث دُعيت ست دول أخرى للانضمام إلى قمتها الأخيرة، وهذه الدول هي: الأرجنتين ومصر وإيران وإثيوبيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

لقراءة المزيد اضغط هنا