سيف ضياء دعير –  طالب دراسات عليا ضمن برنامج دكتوراه السياسات العامة في جامعة النهرين
عماد صلاح الشيخ داود – أستاذ السياسات العامة والتنمية المستدامة في جامعة النهرين
توطئة:          
تُعَدُّ مُشْكِلَة التلوث والنفايات واحدة من المشكلات التي أثارت اهتمام الإنسان منذ البدايات الأولى لنشوء الحضارة على الأرض فقد عرفت حضارة وادي الرافدين، وبلاد الشام نظماً للتخلص من مياه الصرف الصحي منذ 6500 عاماً ق.م وفقاً للدراسات الآثارية في تلك البقاع، التي وثقت أيضاً وجود نظماً للصرف الصحي وإدارة النفايات في عهد الإمبراطورية الرومانية القديمة، حين أنشأ مهندسو روما القديمة شبكة واسعة من المجاري. وأدت الحاجة إلى المياه العذبة في النهاية إلى تطوير تقنية قناة المياه. إذ كان الامتداد الأوسع للقنوات المائية يستخدم بشكل عام الأنابيب المصنوعة من الرصاص، في حين أن الأنابيب داخل المدن نفسها غالباً ما تكون مصنوعة من السيراميك والخشب والجلد. بالإضافة إلى ذلك، تظهر المواقع الأثرية والنصوص القديمة أدلة على أول قوة عمل أوروبية لإدارة النفايات تشمل الواجبات التي تؤديها هذه القوة جمع النفايات المخزنة من المنازل غير المتصلة بشبكة الصرف الصحي، وبيع النفايات للمزارعين من أجل الربح.
ومقارنةً بالأنظمة التي استخدمتها حضارات الهلال الخصيب، كانت أنظمة إدارة النفايات في الإمبراطورية الرومانية القديمة مقسمة إلى حد كبير اجتماعياً، وتعتمد بشكل كبير على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمدنيين. ويمكن أيضاً مشاهدة هذا التقسيم الطبقي داخل أنظمة إدارة النفايات في مصر القديمة وكذلك لدى إمبراطورية الأزتك.
أما في العصر الحديث فتعد المشكلة من أكبر التحديات البيئية التي تواجه العالم، وتتطلب حلولاً شاملة وفعالة للتعامل مع آثارها الخطيرة بطريقة صحية وصديقة للبيئة، حيث بدأت أولى الجهود بنظام إدارة النفايات الصلبة المنظم في لندن في أواخر القرن الثامن عشر. الذي ما لبث عند منتصف القرن التاسع عشر مع ازدياد النقاش حول الصحة العامة أن أصبح قانوناً تحت عنوان إزالة الإزعاج والوقاية من الأمراض لعام 1846، الذي سمح بتوفير إدارة النفايات المنظمة في لندن.
وبعد التسارع الهائل في التقدم التكنولوجي وزيادة الاستهلاك، الذي أدى إلى تزايد حجم النفايات المنتجة وتفاقم تأثيراتها السلبية على البيئة والصحة العامة والاقتصاد، وتصاعد وتيرة التغييرات السلبية في النظم البيئية والأنماط الطبيعية. وتحدي تغير المناخ وتأثيره الكارثي على كوكبنا، جرّاء الانبعاثات الكربونية التي تأتي من مصادر مختلفة أصبحت الحاجة أكبر لإيلاء الأهمية لتدوير النفايات الصلبة والسائلة كواحدة من الحلول الفعالة للتحكم في هذه الانبعاثات وتحقيق التنمية المستدامة، ولا يمكن إنكار أن هذه المشكلة تتطلب مستوى عالٍ من التعاون والتنسيق بين الدول والجهات المعنية، يرافقها التزام قوي بتطبيق السياسات البيئية التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة، لذلك، فإن مناقشة سياسات التعامل مع أزمة النفايات تعد من المواضيع الحيوية الراهنة التي تستدعي تعزيز الجهود العالمية لمحاربة هذه المشكلة البيئية الخطيرة.

لقراءة المزيد اضغط هنا