عمر سمير- طالب دكتوراه في العلوم السياسية بجامعة اسطنبول
حنين سعد الجبوري – طالبة ماجستير بجامعة جليشيم باسطنبول
مقدمة:
العلاقات التأريخية بين تركيا والعراق، وروابط الدين والثقافة والاقتصاد تمتد إلى مئات السنين، وهناك دعائم حافظت على متانة تلك العلاقات منذ بدايتها وحتى الوقت الحاضر، ومن الطبيعي القول أنّ نهري دجلة والفرات هما القاسم المشترك بين الدولتين، ومثلما يغذيان أَراضيهما، فإنهما أيضاً رابطة أزلية اقتصادية مشتركة، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ العراق يشارك مع تركيا بحدود برّية يصل طولها (367) كم، لا سيَّما أنّ العقل التركي ينظر إلى العراق بأنّه موطن العلم والعلماء، ويتبين ذلك من خلال المثل التركي المتداول بين الأتراك (استمر في السؤال ستجد الاجابة في بغداد) ويلاحظ ذلك أيضاً من خلال تسميات أشهر شوارع مدينة اسطنبول في تركيا يُسمى شارع بغداد.
إلّا أنّ هذه العلاقات شابها الفتور والاختلاف في الموقف من حرب الكويت عام (1990)، حتى سقوط النظام العراقي السابق واحتلال العراق من قِبل دولة كانت حليفة للترك وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وصعود حزب “العدالة والتنمية” بزعامة (رجب طيب اردوغان) ذو النزعة الإسلامية العصرية للحكم في تركيا، ذلك الحدث الذي غيّر من مُجريات الأمور وسياسات دول المنطقة، فحدثت انعطافة إيجابية في العلاقات العراقية التركية والتي مهدت لتطوير العلاقات بين البلدين أفقياً وعمودياً.
مؤخراً قام رئيس الوزراء العراقي (محمد شياع السوداني) بزيارة مثمرة إلى تركيا في الفترة 21–22 مارس/ آذار 2022، تلبيةً لدعوة من رئيس الجمهورية السيد (رجب طيّب أردوغان). وخلال اللقاءات الرسمية تم تناول العلاقات الثنائية بين تركيا والعراق بجميع جوانبها وعلى كافة الأصعدة، إضافة إلى بحث الخطوات التي من شأنها تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيَّما مكافحة الإرهاب وإعادة إعمار العراق والتعاون في مجالي التجارة والطاقة. وتَجمعُ البلدين عدة اتفاقيات مهمة فبالعودة إلى الوراء وفي عام (2008)، أنشأت تركيا مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى مع العراق، وهو الأول بين تركيا ودول الجوار. وفي عام (2009)، جرى التوقيع بين العراق وتركيا ضمن مجلس التعاون الاستراتيجي العراقي-التركي برعاية رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان على (48) اتفاقية وأعلن المالكي بحسب بيان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء بأنه «جرى التباحث مع أردوغان في الكثير من الأمور السياسية وتم التأكيد على ما تمَّ الاتفاق عليه سابقاً بالاستمرار في محاربة الإرهاب ومكافحة النشاط الإرهابي لحزب العمال الكردستاني وبقايا حزب البعث وجميع المنظمات التي لا تريد الاستقرار في المنطقة”.
وفي ديسمبر (2014)، وقّع العراق وتركيا مُذكرة تفاهم في مجال المياه، تتضمن (12) مادة، أبرزها تأكيد أهمية التعاون في مجال إدارة الموارد المائية لنهري دجلة والفرات، وتحديد الحصة المائية لكل دولة في مياه النهرين.
في هذا الإطار، تسعى هذه الورقة لتحليل السيناريوهات الممكنة للانتخابات الحالية، كيف ستتأثر العلاقات العراقية التركية بنتائج تلك الانتخابات؟ وما طبيعة تأثيرها على العراقيين في الداخل التركي عبر النقاط التالية:
أهم الإشكاليات التي تشوب العلاقات:
 تتمثل أهم الإشكاليات في المسألة الكردية وأمن الحدود وقضية المياه، وتحضر هذه الإشكاليات في الخطابات السياسية للأحزاب التركية الرئيسة وتحالفاتها الانتخابية، فعلى سبيل المثال: قام المرشّح الرئاسي للتحالف السداسي المُعارض في تركيا (كمال كليجدار أوغلو) بعقد اتفاق مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي؛ ليحدث هزّة في المشهد السياسي التركي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستُجرى في 14 مايو/أيار المقبل. ويعوّل كليجدار أوغلو بشكلٍ رئيسي على دعم الحزب الكردي له لتعزيز فرصه في هزيمة الرئيس رجب طيّب أردوغان في الانتخابات الرئاسية. وهناك تسريبات تُشير إلى علاقة وثيقة بين تحالف الأمة المعارض بقيادة أوغلو وحزب العمّال الكردستاني، وتُشير هذه التسريبات إلى اتباع سياسة مختلفة تجاه الحزب في شمال العراق وسوريا، بناءً على تفاهمات مع الولايات المتحدة الأمريكية وبناءً على علاقته مع صلاح الدين دميرطاش، والذي يتمتع بعلاقة قوية مع حزب العمّال الكردستاني.

لقراءة المزيد اضغط هنا