مقدمة:
يبدو أنَّ شهر نيسان لم يعد فألَ خيرٍ على السودانيين الذين يعيشون هذه الأيام أجواء صراعٍ مسلَّحٍ جديدٍ في الذكرى الرابعة للانقلاب القديم الذي أطاح بالرئيس السوداني السابق عمر البشير في الحادي عشر من نيسان 2019.
ومنذ ذلك التاريخ باتت السودان تعيش حالة سياسية جديدة اعتمدت نمط تقاسم السلطة بين أطراف عديدة، كلٌّ منها يمتلك السلطة والنفوذ والقدرة على زعزعة الأمن في أي وقت يشاء؛ بدليل ما يحدث اليوم من صراع مسلح بين طرفين كلاهما يمتلك العُدَّة والعدد.
يشير ما يحدث اليوم من اقتتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بوضوح إلى فشل نمط تقاسم السلطة السائد منذ خمس سنوات، والذي كانت القوى السودانية تعوِّل عليه؛ لإخراجها من الأزمات السياسية والأمنية المتكررة التي أسفرت عن حدوث ثلاثة انقلابات ومحاولة انقلاب منذ عام 2019، ممَّا يعني أنَّ هذا النمط بحاجة إلى مراجعة حقيقية تسفر عن آلية واقعية يمكن أن تشرك المدنيين والعسكريين في الحكم من دون أن يكون لطرف غلبة على الآخر؛ لتنتهي سياسة لَيِّ الأذرع التي قادت السودان من انقلاب إلى آخر في ظل صراع العسكر الذي أقصى المدنيين عن السلطة.
أولاً: انقلاب 2019.. إزاحة البشير
شهدت السودان في الحادي عشر من نيسان 2019 حدثاً تاريخياً مهماً تمثَّل بإزاحة عمر البشير عن السلطة بعد عقود من الحكم عن طريق انقلاب عسكري قاده الجيش السوداني الذي استغلَّ الاحتجاجات الشبية المطالبة بإسقاط البشير؛ لتنفيذ الانقلاب.
أطاح الجيش بالحكومة والبرلمان، وأعلن حالة الطوارئ في البلاد لثلاثة أشهر؛ تمهيداً لتشكيل حكومة انتقالية لعامين.
وفي اليوم الثاني للانقلاب اجتمع عدد من القادة العسكريين السودانيين، وأعقب الاجتماع بيان تلاه وزير الدفاع أحمد عوض بن عوف أعلن فيه الإطاحة بالبشير، واعتقاله، وتشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسته يتولى حكم البلاد لعامين تعطيل دستور عام 2005، وإجراء انتخابات في نهاية المرحلة الانتقالية.
إلا أنَّ هذا الإجراء لم يكن مرضياً للمحتجين الذين واصلوا تظاهراتهم التي رفضت استبدال البشير بوزير دفاعه؛ ممَّا دفع ابن عوف إلى التنازل عن رئاسة المجلس العسكري الانتقالي، واختيار المفتش العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتَّاح البرهان خلفاً له، وتعهَّد البرهان بعد تكليفه بتشكيل حكومة مدنية في السودان.
وتوصَّل الفرقاء في السودان إلى اتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير السوداني، على تشكيل مجلس سيادة يضم (11) عضواً، خمسة عسكريين يختارهم المجلس الانتقالي، وخمسة مدنيين يختارهم تحالف قوى التغيير، فضلاً عن مدنيٍّ يتفق الجانبان على اختياره. وصدر مرسوم دستوري بتشكيل المجلس برئاسة عبدالفتَّاح البرهان، إذ أدَّى القسم الدستوري صباح يوم الأربعاء 21 آب 2019، وذلك أمام مجلس القضاء السوداني، في حين أدَّى أعضاء المجلس السيادي القسمَ أمام رئيس المجلس السيادي. وبتشكيل المجلس السيادي حلَّ رسمياً المجلس العسكري الانتقالي الذي حكم البلاد منذ عزل الرئيس السوداني عمر البشير في 11 نيسان 2019.

لقراءة المزيد اضغط هنا