د. علي عبدالرحيم العبوديّ – باحث متخصص في الاقتصاد السياسي
الملخص:
أدَّى اتكاء صانعي القرار العراقي على دالة واحدة لبيع العملات الصعبة وَفْقاً لسعر الصرف الثابت إلى تكوين فكرة مغالطة مفادها أنَّ الإيرادات النفطية سوف تحافظ على استدامة أسعار النفط، قاد إلى أن أصبحت نافذة العملة هي دالة للريع النفطي.
كانت نافذة العملة ذا أثر سلبي على التحول الاقتصادي في العراق، إذ إنَّها كأجراء مؤقت كان الأجدى العمل على تقليل أثرها في السياسة النقدية في العراق.
بعد عام 2003 خرجت السياسة النقدية في العراق من عباءة السلطة والقرارات الحكومية التي لم تكن تراعي استقلالية السياسة النقدية.
السياسة النقدية أسرة الهيكل السلعي للصادرات والاستيرادات، إذ إنَّه مشوَّه تشويهاً كبيرةً فصادرات النفط تشكل (99.7%) من الصادرات الكلية في العراق، في حين يستورد العراق كل شيء من الخارج من المواد الغذائية إلى السلع المصنعة والخدمات.
امتلاك الدولة العراقية للمصدر للدولار بفعل بيع النفط، جعلها أمام خيار أن تقوم الحكومة بتوفير الدولار للقطاع الخاص، إذ يكون الدولار متوافراً دائماً متى وجد الطلب عليه لإشباع احتياجات القطاع الخاص، ومن ثَمَّ تمكينه من إشباع معظم الطلب المحلي.
نافذة بيع العملة من الأدوات اليسيرة التي تُسْتَخدم في البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية، ومع مرور (20) عاماً على مزاد العملة إلا أنَّ هذه الطريقة ما زالت قائمة في العراق.
تمكَّنت نافذة بيع العملة من إشباع احتياجات القطاع الخاص من العملة الأجنبية، والحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار العراقي، وتقليل الفجوة بين السوق الرسمية والسوق الموازية.
تُعدُّ الخزانة الأمريكية المسؤول الرئيس للحفاظ على قيمة الدولار عالمياً، وقدِ اتبعت الإجراءات الجديدة في تطبيق آلية جديدة أكثر صرامة في عملية بيع الدولار؛ بسبب عمليات التحايل التي كانت تجري على التعليمات المتبعة من البنك المركزي العراقي من المتعاملين المحليين.
المقدمة
يحمل الخوض في فضاء السياسة النقدية كثيراً من الصعوبات، ويسحب معه في الوقت نفسه كثيراً من المتغيرات ذات العلاقة الترابطية والتكاملية بأهداف السياسة النقدية، إذ تُعدُّ السياسة النقدية جزءاً لا يتجزأ من السياسة الاقتصادية الكلية للبلد، وهكذا تُصاغ السياسة النقدية في العراق تُبَلور وَفْقاً لمعطيات الاقتصاد الكلي ومتغيراته، وتعزز ذلك بصورة أكبر بعد التغيير الذي حصل عام 2003، إذِ اتجهت السياسة النقدية في العراق إلى الاستقلالية، واستطاعت الخروج من تحت عباءة القرارات الحكومية التي كانت لا تؤمن باستقلال السياسة النقدية، ممَّا دفع بإدارة السلطة النقدية لما بعد عام 2003 المتمثلة بــــ(البنك المركزي) باتخاذ سياسة جديدة في تحقيق أهدافها المنشودة، وإحدى أهم أدواتها الجديدة هي نافذة بيع العملة الأجنبية (مزاد العملة)، ومع الانتقادات والشبهات التي تدور حول هذه النافذة، فقد تمكَّن البنك المركزي عبرها من تحقيق أبرز أهدافه، ألَا وهي الحفاظ على استقرار السوق، وكبح جماح التضخُّم، والحفاظ على القوة الشرائية للدينار العراقي، لكن الأمر أصبح مختلفاً الآن، إذ مع مرور نحو شهرين من تشكيل الحكومة الجديدة، وتحديداً مع بداية عام 2023، بدأت الأمور تخرج عن سيطرة نافذة بيع العملة، ممَّا تسبَّب في فقدان الثقة بالعملة المحلية، وعدم استقرار الأسواق بأنواعها بصورة أعم.
وتبعاً لذلك ستناقش هذه الورقة -وَفْق منهج استقرائي- آليات عمل نافذة بيع العملة الأجنبية، ودورها منذ عام 2003، وأهم الأسباب التي أدَّت إلى ضعف سيطرتها، وعدم تمكُّنها من ضبط السوق في الوقت الراهن. لكن قبل الخوض في ذلك، ولكي تتضح الصورة، يجب علينا معرفة بعض الحقائق عن طبيعة الاقتصاد العراقي.

لقراءة المزيد اضغط هنا