د. مصطفى الدراجيّ – باحث
مقدمة
توارثت الحكومات المتعاقبة بالعراق منذ 2003 كثيراً من المشكلات والتحديات منها ما كان موروثاً من النظام السابق، ومنها مشكلات جديدة صاحبت تغيُّر النظام، وكان المفروض أنَّ المرحلة الانتقالية تضمَّنت من الخطط ما يعالج كثيراً من المشكلات التي تصاحب الانتقال من الدكتاتورية إلى الديمقراطية.
لكن يا للأسف لم تكن الحكومات العراقية قادرةً على حل تلك المشكلات، واستمرت بترحيلها من حكومة إلى أخرى، بل غدت تلك المشكلات تتزايد مع كل حكومة تتشكل، وتواجه حكومة السيد السوداني الآن كثيراً من التحديات الداخلية، والخارجية التي عجزت الحكومات السابقة عن حلها، ناهيك عن التحديات الجديدة التي تفرضها البيئة الداخلية، والخارجية؛ نتيجة التفاعلات المحلية والإقليمية، وفي مختلف الأحوال تتطلب جميع هذه التحديات اعتماد سياسات عقلانية وخطط جريئة؛ لاحتوائها، منها ما يتطلب عملاً سريعاً وآنياً؛ لتفادي تأثيرها على الحكومة والمجتمع، ومنها تحديات كبيرة تحتاج أن تُؤَسَّس خطط وإستراتيجيات لمعالجتها على مدد طويلة.
ونحاول -في هذه الورقة- أن نسلِّط الضوء على بعض التحديات المهمة التي تواجه الحكومة لعام 2023، والتي تتطلب حلولاً سريعة؛ لأنَّها بمنزلة تحديات وتهديدات تهدِّد عمل الحكومة، ونجاح عملها، وبقاءَها في المدة المحددة لها، ونتيجة ترابط التحديات الداخلية والخارجية في المسببات والمعالجات، سنقوم بشرح التحديات الداخلية والخارجية التي ستواجه الحكومة العراقية في عام 2023، ونصنِّفها على النحو الآتي:
أولاً: التحديات الداخلية للعراق 2023.
توجد جملة من التحديات الداخلية الموروثة من الحكومات السابقة، وتحديات أفرزتها تطورات المجتمعات، والتطور التكنولوجي، مروراً بسقوط النظام السياسي 2003، والعملية السياسية الهشَّة، تبتدأ بالمشكلات السياسية، وتطول القائمة لتشمل معظم مفاصل المجتمع والدولة، كل تلك التحديات أجمع عليها جملة من المهتمين بالشأن السياسي العراقي؛ لأهميتها، ومن المفترض إعطاؤها الأولوية؛ لمعالجتها في مدار الأعوام المقبلة، ومن أهمها الآتي:
الانتخابات
من أبرز التحديات التي تواجه حكومة السيد السوداني هي الانتخابات، بغض النظر عن أنَّها نيابية أو محلية؛ لأنَّ السيد السوداني ألزم نفسه في برنامجه الحكومي الذي صوَّت مجلس النواب العراقي عليه، في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 إذ ورد فيه: (إجراء انتخابات مجالس المحافظات، وتعديل قانون الانتخابات النيابية العامة في 3 أشهر، وإجراء انتخابات مبكرة في عام)، ويمثِّل هذا التصريح أو الاتفاق حول البرنامج الحكومي عقبات عديدة، منها أنَّ المفوضية العليا للانتخابات قد ربطت أي انتخابات مبكرة بتحقُّقِ شرطين وَفْق تصريحات عضو مفوضية الانتخابات عماد جميل:  هما (إمكانية إجراء انتخابات مبكرة في سنة يعتمد على إنجاز القانون الخاص بها، وتوفير الأموال، ولهذا نحن بانتظار القانون الذي ستجرى على أساسه الانتخابات المقبلة، وكذلك توفير الأموال؛ لمعرفة كم نحتاج من الوقت لإجراء العملية الانتخابية)، فضلاً عن ذلك فإنَّ قادة الإطار لديهم الرغبة بتعديل قانون الانتخاب، والنظر في مسألة العد والفرز الإلكتروني، ليكون يدوياً، وكذلك مراجعة توزيع الدوائر الانتخابية، إلى جانب معالجة مسألة انتخابات العراقيين في الخارج الذين حُرِمُوا في الانتخابات الماضية من الاقتراع، والرغبة في العودة إلى العمل بقانون الانتخابات القديم المعروف بقانون «سانت ليغو»، الذي يقسِّم العراق على (18) دائرة انتخابية كبيرة على عدد المحافظات، ويرى أعضاء الإطار التنسيقي ضرورة تسمية مجلس مفوضين جديد لمفوضية الانتخابات، وهو ملف حساس للغاية أيضاً، إذ يَعدُّ الإطار أنَّ ترشيح أعضاء المفوضية عن طريق القوى السياسية جميعاً أفضل من انتداب قضاة كما حصل بالمفوضية الحالية، كل هذه التعديلات في قانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات وتأخير وقت إقرار القانون وموعد إجراء الانتخابات ستجعل الحكومة في حرج أمام التيار الصدري والشارع العراقي بصورة عامة، بعد انتهاء المدة المذكورة من دون عمل شيء يذكر، فضلاً عن أنَّ الناخب العراقي لم يعد يرغب بعملية ديمقراطية قائمة على المحاصصة، وترجم ذلك بعزوفه عن المشاركة في الانتخابات العراقية.

لقراءة المزيد اضغط هنا