تمهيد
يواجه التعليم المهني في العراق كثيراً من المعوقات والتحديات التي تتركز في المواءَمة بين مخرجات هذا النوع من التعليم وحاجات سوق العمل المستقبلية، فضلاً عن الإهمال الواضح وما يرافقه من انخفاض في الإنتاج المحلي، وغياب التنسيق بين الوزارات لتوفير فرص العمل، والنظرة المتدنية للتعليم المهني على أساس الأدنى مقارنة مع التعليم الجامعي، وكذلك ظروف سوق العمل الحالية غير القادرة على استيعاب تلك المخرجات.
تتصف العلاقة بين التعليم المهني ومتطلبات السوق بعدم التوازن بين مناهج التعليم والتدريب واحتياجات التنمية وسوق العمل، فضلاً عن غياب التخطيط والإدارة في إعداد قوة عمل مؤهلة للتعامل مع التغيرات المتسارعة وانعكاساتها على طبيعة احتياجات سوق العمل، وعليه سائر خريجي التعليم المهني الذين يواجهون مشكلة البطالة، ويبحثون عن فرص عمل بعيدة عن اختصاصاتهم.
تسلِّط هذه الورقة الضوءَ على الفجوة بين التعليم المهني ومتطلبات سوق العمل، وتستعرض واقع التعليم المهني بمكوناته وأهدافه ومؤشِّراته، فضلاً عن التحديات التي تواجه سوق العمل من حيث القوى النشطة اقتصادياً، ومؤشرات معدل البطالة، وتفترض الدراسة وجود علاقة عكسية بين خريجي التعليم المهني، ومتطلبات سوق العمل.
أولاً: التعليم المهني الواقع المنسي.
التعليم المهني بالمعنى المتبع في هذه الدراسة هو نظام تعليمي تتضمن خطته الدراسية مواد نظرية عامة، ومواد نظرية تطبيقية وتدريب عملي تكون فيه مدة التعليم ثلاث سنوات بعد إكمال مرحلة الدراسة المتوسطة، يحصل فيها الطالب على المهارات والقدرات، إذ يضم خمسة تخصُّصات: (زراعي، وصناعي، وتجاري، وفنون تطبيقية، والحاسبات).
يُعدُّ قطاع التعليم والتدريب المهني الوسيلة التي تمكِّن المشاركين من اكتساب المهارات العملية والإدارية وفهمها، وتمكِّنهم من العمل في مهنة، أو مجموعة من المهن المحدَّدة، إذ تُوفَّر هذه المهارات العملية في مجموعة واسعة من الإعدادات عن طريق مقدمي الخدمات التعليمية والتدريبية المختلفة في كلا القطاعين العام والخاص، ويزوِّد التعليم المهني المشاركين بالمهارات المهنية التي لا غنى عنها للمشاركة الفعَّالة في العمل والحياة، كالوعي الذاتي والثقة بالنفس، وتعزيز العلاقات الشخصية، والمواطنة، ومهارات الاتصال والتواصل، والريادة، ويمكن القول إنَّ أهمية التعليم المهني وهدفه يمكن إيجازها على النحو الآتي:
أهمية التعليم المهني
يشكِّل التعليم المهني أحد فروع نظام التعليم الثانوي، ولكن بإدارة منفصلة، ويمتلك الطلاب حق الاختيار للتعليم الثانوي المهني مباشرة بعد المرحلة المتوسطة، إذ يتلقُّون المهارات المهنية؛ لتهيئتهم إلى الانضمام في المهن المختلفة بعد تخرُّجهم في مدارس التعليم المهني. وله مكانة متميزة تحتلُّ سلم الأولويات؛ لما له من علاقة بمشاريع التنمية، كما يمثل أهم عناصر الوصل والارتباط بين النظام التعليمي وسوق العمل، إذ أصبح التعليم المهني يؤدِّي دوراً مهماً ومحورياً في تسيير دفة الحياة الاقتصادية والاجتماعية بوصفه أحد الروافد الأساسية في إعداد الملاكات الوطنية، ومكافحة البطالة، ورفع مستوى المعيشة، ويحتل هذا النوع من التعليم أهميةً كبيرةً في الدول المتقدمة، حتى أنَّ بعض الجامعات قد توجهت لأخذ حصتها من هذا القطاع بوصف التعليم المهني ضرورةً اجتماعيةً، ولعلَّ تجربة اليابان خير دليل، إذ تكفل قطاع الصناعة هناك بتوفير معظم برامج التعليم الفني والتدريب المهني وذلك بنسبة تصل إلى (75%) من تلك البرامج، أمَّا الباقي فيخصص من وزارة التربية من جانب، ومن جانب آخر يكون التعليم المهني وثيق الصلة بين الأهداف التربوية من ناحية، وبعالم سوق العمل من ناحية أخرى، وله صفات منها ما يلي:
يجب أن يستمر في التطوير والتحديث في الوسائل والأساليب ومواكبة التطورات.
أن يكون ذا مردودٍ اقتصادي عالٍ، ويحاول المزج في مواقع العمل والتدريب.
أن يكون تخطيطه منسجماً مع البيئة ويوفر السلامة الأمن للعاملين والتجهيزات.
أن يرتبط ارتباطاً مباشراً بسوق العمل واحتياجاته.
أن يقدِّم خدمات عملية لقاء أجور تدفع من قبل الجهات المستفيدة سواءً أكانوا أفراداً، أم شركات، أم مؤسسات.

لقراءة المزيد اضغط هنا