د. عدنان فرحان الجوراني قسم الاقتصاد/ كلية الإدارة والاقتصاد جامعة البصرة
الملخص التنفيذي
يقلِّل تعزيز كفاءة الموانئ العراقية من تكاليف التجارة، ويزيد القيمة المضافة، ويخلق أعمالاً تجارية جديدة، ويجذب قطاعات اقتصادية معينة. كما أنَّها تساعد على دعم الاستقلال الاقتصادي والسياسي وتأكيدهما، وتعمل على خفض تكاليف البضائع المستوردة، والسلع الاستهلاكية، والمواد الخام، ممَّا يرفع من القدرة التنافسية لصادرات الدولة.
تؤدِّي الموانئ التجارية العراقية دوراً محدوداً في التنمية الاقتصادية؛ لعوامل عديدة، من أهمها الاعتماد الكبير على النفط، والذي يمثِّل أكثر من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، و (95%) من الإيرادات الحكومية، و (99%) من إجمالي صادراتها، فضلاً عن أنَّ الموانئ العراقية تُعدُّ ذات سعة منخفضة، وتتميَّز بقلَّة الأنظمة المتطورة المستخدمة في الإدارة والحوكمة.
وَفْقاً لترتيب مؤشر جودة الموانئ من حيث الأداء اللوجستي، ووَفْقاً لتقرير البنك الدولي لسنة 2018 فقد حلَّتِ الموانئ العراقية بالتسلسل (159) على مستوى العالم، في حين جاءت موانئ الإمارات بالتسلسل (14)، وقطر (30)، والكويت بالتسلسل (59) على مستوى العالم.
من أبرز التحديات التي تواجه الموانئ العراقية هي نقص التمويل، والإدارة المركزية لهذه الموانئ من دون أن يكون للحكومة المحلية لمحافظة البصرة دور في تخطيط أوضاع هذه الموانئ وإدارتها، فضلاً عن نقص الاستثمارات المخصصة في المعدات التي لم تتجاوز (2%) من مجمل الاستثمارات المخصصة لقطاع النقل.
إنَّ الطاقات الحالية للموانئ العراقية غير قادرة على استيعاب الطلب المستقبلي؛ لذا فإنَّ الإسراع بإنشاء ميناء الفاو الكبير يُعدُّ مطلباً ضرورياً؛ للقدرة على استيعاب الطلب المستقبلي، ومنافسة موانئ الدول المجاورة.
بجانب ذلك، يجب العمل على تطوير قدرات مينائي (أم قصر، وخور الزبير) بصورة خاصة عن طريق استخدام التكنولوجيا الحديثة في الشحن والتفريغ، ومن ثَمَّ تقليل وقت الانتظار، فضلاً عن إنشاء مناطق الخزن الحالية وتوسعتها، وتنظيف الممرات المائية من الرواسب والعوائق البحرية، وزيادة أعماق القناة الملاحية إلى ما يقارب (15-16) متراً؛ لاستقبال السفن الكبيرة، وسفن الحاويات.
المقدمة:
تمتلك محافظة البصرة موقعاً جغرافياً متميزاً؛ لإطلالتها على الخليج العربي عبر جزئها الجنوبي عن طريق شريط ساحلي ضيق يبلغ (65) كم2، وأيضاً عن طريق شط العرب الذي يتكوَّن من التقاء نهري دجلة والفرات -يبلغ طوله من المعقل وحتى مصبه في الخليج العربي (139.1كم)-، والذي يصلح لملاحة السفن؛ ممَّا منح الفرصة لوسائط النقل النهري والبحري المختلفة لاجتياز المياه الإقليمية العراقية في المحافظة، وقد تنوعت هذه الوسائل ما بين وسائل النقل المحلية المتنوعة، ووسائل نقل عالمية بحرية متمثلة بالسفن الداخلة إلى مياه محافظة البصرة، وكان قسم كبير منها يصل إلى ميناء المعقل في مركز مدينة البصرة.
يُعدُّ النقل البحري محور التجارة الدولية، وأحد محركات العولمة الرئيسة، فهو ينقل ما يقارب (80%) من حجم التجارة العالمية، وأكثر من (70%) من قيمة هذه التجارة التي تجري مناولتها في الموانئ العالمية، بل تكون هذه الحصص أكثر ارتفاعاً في أغلب البلدان النامية.
تطوَّر النقل البحري تطوراً كبيراً جداً على مدى العقود الخمسة الماضية، ممَّا أدَّى إلى تغيير صورة الاقتصاد العالمي. فما بين عامي 1950 و1995 نما النقل من (0.55) مليار طن إلى (4.3) مليار طن، واستمر في النمو ليصل إلى (8.7) مليار طن عام 2011.
أدَّى ذلك إلى أن تصبح الصناعة البحرية واحدة من أسرع القطاعات الاقتصادية نمواً بعد اقتصاد الحرب العالمية الثانية، وأصبحت الموانئ وسيلة أساسية للاندماج في الاقتصاد العالمي.
فضلاً عن أنَّ قطاع النقل يُعدُّ أحد القطاعات المحركة للاقتصاد في أي بلد، كما أنَّ التنمية الاقتصادية لها ارتباط مباشر بتطوير قطاع النقل.
وقد واجه القطاع البحري العراقي عديداً من الظروف التي أعاقت عمله بصورة كبيرة، مثل الحرب بين العراق وإيران (1980 – 1988) “حرب الخليج الأولى”، ثم حرب الخليج الثانية 1991، وبعد ذلك العقوبات الاقتصادية (1991- 2003)، وجاءت بعدها حرب الخليج الثالثة في عام 2003، ثم بعد عام 2003، أثَّر الفساد سلباً على الإنتاجية والكفاءة وحصتها في تنمية الاقتصاد العراقي، ممَّا أدَّى إلى تراجعها تراجعاً كبيراً.
تهدف هذه الورقة إلى تحليل الوضع الحالي للقطاع البحري في العراق، وتوضيح الأهمية الاقتصادية للموانئ؛ لتحسين كفاءتها، وذلك عن طريق الإجابة على السؤالين الآتيين، أولاً: هل هناك دور حيوي للموانئ العراقية في الاقتصاد؟ وثانياً: ما أهم التحديات التي تواجه القطاع البحري العراقي؟

لقراءة المزيد اضغط هنا