ديانا هشام جاسم/ باحثة

الملخص التنفيذي:

لم تتفق المؤسسات الرسمية في العراق حول تعريف جامع لموضوع تصنيف المؤسسات «الصغيرة» والمتوسطة، وهذا مردُّه لاعتماد معيار رأس المال، والذي تقلَّب (تضخَّم) بصورة مفرطة؛ بسبب الأزمات الاقتصادية التي مرَّت على البلاد. وآخر قانون صدر بهذا الشأن هو قانون رقم (20) لسنة 1998.

تواجه المشاريع «الصغيرة» عقبة في درجة تطور الأسواق والعقبات النظامية وعقبات التمويل وعقبات خارجية أساسية للنمو، ومشكلات الضمان الاجتماعي، وقلة الوضوح في السياسات الحكومية لدعم هذه المشاريع.

تمثِّل المشاريع «الصغيرة» في العراق أكبر مزوِّداً للعمالة في العراق إذ إنَّ بحدود (60-70%) من العمالة المحلية في القطاع الخاص تعمل في المشاريع «الصغيرة»، كما أنَّها تشكِّل نسبةً مرتفعةً من الناتج المحلي الإجمالي.

أدَّى إهمال هذه المشروعات إلى انحسار دورها في عملية التنمية والتطور واعتمادها على المتاح من مستلزمات إنتاج محلية. وأدَّى هذا الواقع إلى أن تتركَّز الصناعات «الصغيرة» عموماً في مجالات صناعية ضيقة ومحدودة، مثل: صناعة المنتجات الغذائية، والطباعة والنشر، وصناعة منتجات المعادن اللافلزية .

أفرزت الحكومة العراقية والجهات ذات العلاقة منها البنك المركزي عدداً من المبادرات التي تعنى بتطوير الأعمال «الصغيرة» وامتصاص العاطلين عن العمل، ورُصِدتِ الأموال اللازمة لها، إلا أنَّ متطلبات الإذعان وشروطه الصعبة، يزاد عليه صعوبة الإدارة التنظيمية لهذا النوع من الأعمال وحصرها؛ ممَّا جعل القدرة على تنظيم هذا القطاع والنهوض به أمراً صعباً.

يجعل حصر المبادرات التي تُعنى بتمويل المشاريع «الصغيرة» بأعداد معينة من المصارف، وعدم رصد الأموال الكافية، وصعوبة إخضاع الجهات المستفيدة من هذه الأموال نتيجة للعقبات التنظيمية من قدرة النظام المصرفي على المساهمة في قطاع الصناعات «الصغيرة» محدود.

المقدمة

تحتلُّ المشاريع «الصغيرة» مكانةً متميزةً في جميع اقتصاديات بلدان العالم (المتقدِّمة، والنامية على حدٍّ سواء)؛ لما لها من أثرٍ كبيرٍ في حياة الناس؛ لأنَّها توفِّر فرص العمل، وكثير من السلع وخدمات، مساهمتها في تحقيق التنمية الاجتماعية، والاقتصادية، والتطور التكنولوجي؛ فضلاً عن التكامل مع المشاريع الصناعية الكبرى في مجالات (الإنتاج، والخدمات)، ومن أجل التطور والإبداع بهذه المشاريع لا بدَّ من تبنِّي برامج وآليات تُعْتَمَد؛ للنهوض بالمشاريع «الصغيرة» وتطويرها، ولا بدَّ من توفير مصادر التمويل المناسبة، إذ قامت عديد من المصارف في العراق، ولا سيِّما التجارية منها بالاعتماد على الطرائق الحديثة؛ لتسهيل حصول المشاريع «الصغيرة» على التمويل المصرفي عن طريق قيام المصارف بتأسيس شركة للكفالات المصرفية والشركة العراقية لتمويل المشاريع «الصغيرة».

وأولت المصارفُ المشاريعَ «الصغيرة» اهتماماً كبيراً في الآونة الأخيرة؛ لتشجيعها ورعايتها وتوفر احتياجاتها التمويلية، إذ قامت المصارف بوضع إستراتيجيات خاصة، وسياسات متعددة للتعامل مع المشاريع «الصغيرة»، إذ تقوم المصارف بمنح القروض للمشاريع لتحقيق الأرباح.

أولاً: لمحة عن المصارف العراقية

تُعدُّ المصارف بأنواعها الحكومية والخاصة جزءاً أساسياً من هيكل الاقتصاد العراقي، ولها أثر مهم جداً في تنميته، وسرعة تطوره، وانفتاحه على الاقتصاد العالمي، فضلاً عن أثرها المهم في تمويل الاستثمار، وتحقيق التنمية المستدامة، لا سيَّما بعدما أصبحت جميع المصارف تمارس دوراً تجارياً، وعدم الاكتفاء أو الاقتصار على ممارسة الوظائف التقليدية المتعلقة بالائتمان، ويقوم القطاع المصرفي بعملية تمويل المشروعات المالية عن طريق أموال العملاء ومشاركاتهم وإقراضهم وتمويل جزءٍ أو كلٍّ من مشاريعهم، طبقاً لقناعة المصرف بجدوى الاستثمار، وأيضاً أهميته للفرد أو للمجتمع، وللمصارف دوراً مهماً في معالجة الأزمات والمشكلات الاقتصادية.

للمصارف أهمية في تقديم الخدمات المصرفية المتنوعة، وأنَّ أهمَّ ما يميِّز النشاط المصرفي هو تعامله بالنقد، وأنَّ النقود هي مادته الأولية متمثلة بالودائع، وفي الوقت نفسه منتجها النهائي القروض، والائتمانات النقدية المختلفة، وتكون النقود هي المادة الأساسية لخدماته متمثلة بصور الائتمان غير النقدي، وعمليات التحويل، وسداد الالتزامات، حتى الخدمات الاستشارية تكون النقود أساسها الأول.

لقراءة المزيد اضغط هنا