ينظر إلى بايدن من قبل منتجي النفط (تقليديين وصخريين) بعين الريبة، فالرجل لا يفوت أي مناسبة من دون الحديث عن التحول للطاقة النظيفة وخططه؛ لتقليل الانبعاثات الكاربونية الناجمة من النفط، مستعرضاً أعداد الوظائف التي يأمل أن تتحقق في ظل الطاقة البديلة للأمريكيين، فففي 12 كانون الأول أصدر موقع فريق (بايدن-هاريس) بياناً صحفياً لمناسبة مرور خمس سنوات على توقيع اتفاقية باريس للمناخ هاجم فيه سياسات خلفه ترامب الذي انسحب منها وجاء في البيان: “خلال الأربع سنوات الماضية فقد العالم زخم المضي بالاتفاقية وشعرت الدول والشعوب في كل جزء من العالم بالآثار المدمرة لتغير المناخ، ليس لدينا وقت نضيعه، ستنضم الولايات المتحدة إلى الاتفاقية في اليوم الأولي من رئاستي”. هاريس هي الأخرى تميل بنحو كبير لحظر نشاط التكسير (تكسير الصخور لأنتاج النفط والغاز) أو عرقلته على الأقل.

تغريدة بايدن بخصوص إعادة الانضمام للاتفاقية في ظل إدارته.

هل الأمر بالمتناول؟

بعد انهيار الأسعار أقرت مجموعة أوبك بلس اتفاقية هي الأكبر في تأريخ صناعة النفط للمحافظة على مستوى قريب من التوازن بين العرض والطلب حيث وصل التخفيض إلى 9.7 مليون برميل وأكثر ساهمت فيه الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها بـ1.7 مليون برميل في أكبر استجابة خضع لها منتجو النفط الصخري الأمريكيون؛ نتيجة لوصول أسعار خام غرب تكساس بالسالب لعدة أيام. إذن بايدن أمام حالة تخفيض كبيرة من الأساس فهل سيجبر المنتجين على التخفيض من حصصهم المتراجعة أصلاً؟ شخصياً لا أعتقد أنه سيفعل ذلك لأسباب أهمها: لا يستطيع أي رئيس أمريكي التخفيض دون المستوى الذي يحفظ السياسة الاستراتيجية الأمريكية في مجال أمن الطاقة عند حدود الاكتفاء أقلها، فضلاً عن أن أي عرقلة أو محاولة للي ذراع تلك الشركات معناها تسريح كبير للعمالة في هذه الصناعة ما سيفاقم الأمر على الإدارة الجديدة، وتنحسر صلاحيات الرئيس الأمريكي فيما إذا قرر المضي في سياساته تجاه شركات النفط في مجال منع إعطاء التصاريح لمد خطوط الأنابيب وتشغيل المصافي وحظر التنقيب عن النفط والغاز في حقول جديدة، وحتى هذه الوسائل باتت غير مجدية تقريباً؛ بسبب حزمة الدعم والقرارات التي مررها ترامب لدعم المنتجين فحسب مكتب إدارة بيانات الأراضي الحكومي هنالك 12.8 مليون فدان ينتج من أصل 25 مليون فدان مُنحت أصلاً لهذا الغرض.

أين سيوجع بايدن؟

تحديداً في سياسته تجاه إيران وفنزويلا فالدولتان من كبار المنتجين النفطيين، ولو ركنا لاحتمالية برود بايدن تجاه العقوبات على فنزويلا فإن الوضع مع إيران على النقيض تماماً، بل يكاد الملف الإيراني من أول الملفات التي ستعالج في المكتب البيضاوي، وتقول طهران إنها تتوقع أن ترفع الولايات المتحدة عنها العقوبات النفطية قبل العودة للاتفاق النووي؛ لكن من أكثر العقبات التي ستواجه الإدارتين الأمريكية والإيرانية في مجال العودة للاتفاق النووي هي الطريقة التي سيعالج بها بايدن فوضى القرارات التي خلفها ترامب على طريق المفاوضات بين الطرفين. إلى ذلك قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: “في العام المقبل نخطط لبيع 2.3 مليون برميل يومياً”؛ وهذا هو الرقم المعتمد في موازنة إيران لعام 2021 وهذا ما أكدته شركة S&P المختصة في مجال البيانات النفطية حيث قالت إن على أوبك الاستعداد لما يقرب من 2.5 مليون برميل، وتقدر طاقة إيران التصديرية الآن بـ400 ألف برميل يومياً.

معدل الإنتاج الإيراني تحت العقوبات حسب رويترز

الخلاصة

يعدّ “الأمن الطاقوي” للولايات المتحدة الأمريكية من الموضوعات السيادية ذات الحساسية العالية جداً؛ لذلك فمن المستبعد أن تُتخذ قرارات سريعة ومفاجئة تجاه المنتجين الصخرين؛ لأنها بالنهاية ستخلف ضرراً في هذا المجال تحديداً، ومع اكتمال التصور عن سياسة بايدن تجاه هذا الملف – مع الأخذ بالحسبان أن العديد من الشركات النفطية الأمريكية بدأت بتوسيع أستثماراتها في مجال الطاقة النظيفة “الكهربائية” تحديداً- فإن الضرر المحتمل والمؤكد سيكون تجاه أوبك بالتحديد التي بات عليها أن تتهيأ للتعامل مع 2.5 مليون برميل فيما إذا عدينا أن الحل مع فنزويلا ليس أولوية لإدارة بايدن.


المصادر

  1. https://ar.m.wikipedia.org/
  2. https://buildbackbetter.gov/press-releases/statement-by-president-elect-joe-biden-on-the-five-year-anniversary-of-the-paris-agreement/
  3. https://www.argusmedia.com/en/news/2168727-biden-presidency-to-reset-us-sanctions-focus