عقد مركز البيان للدراسات والتخطيط ندوة تخصصية تحت عنوان: “العلاقة بين الثقافة السياسية واللامركزية في العراق”، يوم السبت الموافق 1 أيلول 2018. وحاضر في الندوة الأستاذ الدكتور ميري كاظم عبيد عميد كلية القانون بجامعة القادسية، والأستاذ الدكتور عبد الجبار أحمد عبد الله أستاذ النظم السياسية في كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد، وقد حضرها نخبة من المختصين والمعنيين بهذا الشأن.

وقد غطّى الدكتور ميري الإشكالات التي تكتنف الإطار القانوني لّلامركزية، ابتداءً من عدّ مجالس المحافظات مجالس تشريعية ورقابية بما يتعارض مع مبدأ اللامركزية الإدارية، والمساواة القانونية بين تشكيل إداري (مجالس المحافظات) وتشكيل سياسي (الأقاليم)؛ ليبرهن من خلال محاضرته أن ذلك أدّى إلى تمتع التشكيلات الإدارية -المذكورة آنفاً- بصلاحيات سياسية؛ مما سبب فوضى في إدارة مؤسسات الدولة، وانعكس سلباً على تقديم الخدمات.

وعدّ الدكتور ميري مجموعة من الإجراءات الإصلاحية التي تبنتها الحكومة العراقية مؤخراً منها: إلغاء المجالس المحلية، وحصرُ سلطة تعيين المناصب المتقدمة بيد الوزير المختص. داعياً إلى مراجعة شاملة للإطار القانوني لّلامركزية في العراق، والاعتماد على المختصين، والمراكز البحثية، والهيئات التعليمية في صياغة القوانين، وذلك لسدّ الثغرات القانونية التي يعاني منها دستور جمهورية العراق الحالي.

أما محاضرة الأستاذ الدكتور عبد الجبار أحمد فقد عالج من طريقها الجانب السياسي لّلامركزية من منظور الثقافة السياسية، منطلقاً من فرضية مفادها أن غياب ثقافة سياسية فاعلة كان السبب وراء تلكؤ أداء مجالس المحافظات، إذ تجسّد ذلك في عدة جوانب، أهمها:

  1. قرارات الحاكم المدني في العراق آنذاك بول بريمر، منها أمر (71) الذي ساوى بين الأقاليم والمحافظات.
  2. الصراع بين النخب السياسية التي اشتركت في كتابة الدستور، إذ كانوا منقسمين على اتجاهين: أحدهما أن يكون العراق ذا مركز قوي وأطرافه ضعيفة، والثاني يتمثّل بأن يكون العراق ذا مركز ضعيف وأطرافه قوية.
  3. إن ممارسة اللامركزية تتم بشكل عمودي من قبل مجالس المحافظات تجاه بعضها بعضاً، بل حتى اتجاه الحكومة المركزية؛ مما يتعارض مع مضامين اللامركزية التي تفترض علاقة أفقية؛ مما يؤشر إلى خطورة الانقسام.
  4. عدم وضوح العلاقة بين المستويات الفدرالية؛ مما أدّى إلى صراع محتدم وتبرير الفشل عبر إلقاء اللوم على المستويات الحكومية الأخرى.

وقد أوصى الدكتور عبد الجبار بمراجعة شاملة لمنظومة اللامركزية ببعديها القانوني والسياسي، وذلك عبر عقد ورش عمل تجمع المعنيين من محافظين، وأعضاء مجالس المحافظات، والنخب الأكاديمية، فضلاً عن المنظمات الدولية ذات الاهتمامات باللامركزية، والتوصُّل إلى توصيات من شأنها النهوض بواقع اللامركزية في العراق، وتقديمها إلى الجهات ذات العلاقة.