لا يمكن بأية حال من الأحوال التغاضي عن العقد التاريخية في تعامل بلدان المنطقة فيما بينها على الرغم من حصول الكثير من المتغيرات في الظروف والبيئة السياسية. ويبرز إشتعال الأزمات المفاجئ مدى ترسخ الأحقاد والخلافات القبلية والأسرية والطائفية. ويمكن ملاحظة وجود تكرار في أنماط طبيعة العلاقات والتعامل بين بلدان المنطقة تعيدنا إلى أصول نشأة البلدان هذه المنطقة، والظروف التي شكلتها، والعقليات التي تحكمها، تجعلنا نفهم أن هذه المنطقة ماتزال تحكمها العقلية العشائرية والأسرية، أكثر مما تحكمها عقلية الدولة ورجالها.

يبدو أن اشتعال الصراع مجددًا بين المملكة العربية السعودية وقطر، بعد أيام على انعقاد قمة رعتها المملكة العربية السعودية جمعت بموجبها عددًا من زعماء البلدان العربية والإسلامية بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، يؤشر وبشكل واضح على مدى هشاشة العلاقات الخليجية-الخليجية، وتجذر العداء والمنافسة والخوف بين زعماء المنطقة. وعلى الرغم من أن الخلافات القطرية-السعودية ليست بالجديدة، إلا أن الأزمة تأخذ هذه المرة بعدًا جديدًا، لأنها تدار فيما يبدو من قبل جيل جديد من الزعامات الشابة الأقل خبرة، بدأ مؤخرًا باستلام مقاليد الأمور في المملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية. ويمكن القول أن هذه القيادات الجديدة تتميز بالاندفاع والبراغماتية، والرغبة بحسم القضايا مهما تكلف الأمر.

بالإضافة إلى ذلك، فإنه لا يمكن أن نخرج الصراع السعودي-القطري، والبحريني-القطري، والإماراتي-القطري من سياقه التاريخي وإرث المشايخ والأسر الحاكمة في علاقاتها مع بعضها البعض. ويمكن ملاحظة نمط التعامل، والسلوك السياسي لها يتكرر عبر الزمن  وفق أنماط يسهل أن يلاحظها المتابعون للشأن الخليجي، وبشكل ملفت للنظر على الرغم من اختلاف الظروف والشخوص. ويبدو أن الظروف التي تعيشها هذه العائلات ورؤيتها للأمور لم تتغير كثيرًا عما كانت عليه قبل أكثر من قرن من الزمن. فالتنافس، والعداء، والطائفية، والخوف، وطلب الحماية الاجنبية، وعدم ثبات الرؤى وهشاشة العلاقات والتحالفات، كلها تثبت ذلك.  ويبدو أن هذه الأسر الحاكمة لم تتمكن إلى يومنا هذا من تخطي هذا العداء التاريخي الذي يأخذ اشكالًا مختلفة، على الرغم من كل المحاولات، وتغير الظروف.

لقراءة المزيد اضغط هنا