شهدت فكرة التقييم تطوراً كبيراً عبر تأريخ هذا النشاط، إذ إن المنظمات والجهات التي كانت تُوكَل إليها مسؤولية إنجاز بعض المشاريع المخصصة لمساعدة الشرائح الاجتماعية بدأت وهي محدودة الدخل، وكان غالباً ما يُطلب من قبل الممولين لتلك المشاريع تقارير تبرر الكيفية التي صرفت بها الأموال التي رصدت لإنجاز تلك المشاريع، وكانت هذه المنظمات المذكورة كثيراً ما تقتصر على رفع تقارير تصف النشاط المنجز وبعض التفاصيل حول الخدمات المقدمة من خلال المشروع.

ومع تقدم المعرفة الإنسانية وتطور العلوم وظهور الحاجة إلى معلومات أدق وأشمل لتنفيذ المشاريع بسرعة وفاعلية، بدأ المهتمون بالتنمية يعمدون إلى تحليل سجلات الأنشطة التي يقومون بها من طريق جمع المعلومات من الاستمارات للحصول على معلومات أكثر تمكن من تخطيط أكثر دقة وإدارة أكثر فاعلية (السعيدي ،1989).

وكان معظم الناس يعتقدون أن التقييم نشاط لا فائدة منه، حيث يولِّد كمية كبيرة من البيانات المملة مع استنتاجات غير ذات فائدة، وهذه كانت المشكلة مع التقييم في الماضي إذ كانت نظريات تقييم المشاريع تعتمد أساليب على أساس الإنجاز العلمي والدقة فقط، وكثيراً ما ولّد هذا النهج تعميمات واستنتاجات وتوصيات تجنبها الناس؛ وكنتيجة لذلك تميل تقارير التقييم إلى برنامج واضح بعيد عن خيبات أمل مديري المشاريع وتشكيكهم حول أهمية التقييم، فقد ركزت على التقييم بنحوٍ عام، وكان من المعتقد أن التقييم عبارة عن إثبات يبين مدى نجاح المشروع أو فشله، وهذا يفترض أسطورة النجاح والكمال في تنفيذ المشاريع، وذلك غير وارد؛ إذ إن التقييم المستمر الذي يوفر التغذية الراجعة التي تساعد على تعديل الأهداف والإجراءات وتصويبها باستمرار هو مفتاح النجاح (العبيدي ، 2009).

مما لا شك فيه هو أن متابعة الأداء تعد من الانشطة الرئيسة التي تعمل على التأكد من أن ما تحقّق فعلاً مطابقٌ لما هو موجود بالخطة المقترحة ومنسجمٌ مع الأهداف المخطط؛ وعلى هذا الأساس لا يكون متابعة الأداء فقط بعد انتهاء التنفيذ، بل يجب أن يكون عند نقاط معينة في أثناء التنفيذ، فلو تركت متابعة الأداء فقط في النهاية، فقد نكتشف أخطاءً بعد أن يصبح من الصحب حينها اتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة.

إن القطاع الزراعي بشقية النباتي والحيواني والقطاع الإروائي في العراق كانا قد عانا الإهمال في السنوات السابقة، ولكن استطاعت قروض المبادرة الزراعية أن تحرك كثيراً من مفاصل القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني في المحافظات العراقية كافة، وبدأت المشاريع بمختلف أنواعها تفرض حضور منتجاتها في مختلف الأسواق العراقية، ومنها: محاصيل الحبوب، والخضروات، والأسماك، والدواجن، واللحوم الحمراء.

عملت تطوير المبادرة الزراعية للحكومة العراقية، وتطوير صناديق الإقراض التخصصية على ضمان استمرار عمليات الإقراض لمختلف فروع القطاع الزراعي، واستمرار النهوض بالعملية الزراعية في البلاد ولاسيما بعد تضافر جهود المبادرة الزراعية مع وزارتي الزراعة والموارد المائية وتحقيق نتائج متميزة في الإنتاج الزراعي على الصعيدين الكمي والنوعي؛ إذ تمكن العراق بعد مرور ست سنوات على انطلاق المبادرة الزراعية من تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الأسماك وبعض أنواع الخضر، وتحقيق ما نسبته 50% من حاجة العراق من منتجات الدواجن، فضلاً عن مضاعفة كميات الفواكه والتمور المنتجة محلياً بعد تطوير الكثير من البساتين، وكذا الأمر في منتجات اللحوم الحمراء.

لقراءة المزيد اضغط هنا