في البداية، يتناول البحث أهمية تطبيق مبادئ الإدارة الحديثة وطبيعة هذا الحقل المعرفي، مؤكداً على الدور الفيصلي للإدارة العصرية في إزدهار أي منظمة أو مؤسسة، بل وإنها السمة البارزة لرقي الشعوب في عالمنا الحاضر. ثم يتطرق البحث الى الإهمال الذي أصاب الإدارة على أرض الرافدين، الأمر الذي تسبب في الأحوال المزرية للإدارة العامة والخاصة معاً في عراق اليوم.
ويؤكد البحث على ضرورة إصلاح هذا الحال، معتبراً أن هذا الإصلاح يتمثل أولاً برسم خطة مُحكمة لهذا الغرض، تُستهل باعداد الإستراتيجية الملائمة لكل منظمة، يعقبها سرد الأهداف العليا والمشتقة لتلك المنظمة. فمسألة الأهداف تحتل موقعاً فائق الأهمية في علم الإدارة، إذ يجب بلورة هذه الأهداف على نحو جلي، مع تنسيقها عمودياً وأفقياً على صعيد المنظمة الواحدة.
ثم هناك تصميم الهياكل التنظيمية، بل وإعادة تصميمها من وقت الى آخر. ويبرز جانبان لهذه المهمة، أولهما إعداد الخارطة التنظيمية التي توضح الإرتباطات الرسمية للوحدات والأقسام ضمن المنظمة، بينما يخوض الشق الآخر في تعيين الدور الدقيق لكل وحدة أو قسم، بل وحتى الصلاحيات والمسؤوليات لكل مدير ومهام كلٍ من العاملين ضمن أي وحدة.
ويُعرّج البحث بعد ذلك على مسألة إعداد النُظم وأساليب العمل والسياسات لكل منظمة، مع التأكيد على أمرين أساسيين. الأمر الأول هو الحاجة الى مراعاة الظروف الداخلية والخارجية للمؤسسة، مع التركيز على خدمة الأهداف الموضوعة. أما الأمر الآخر فهو ضرورة تعديل هذه النظم والسياسات بحسب مايستجد من أمور وتطورات. وتنطوي خطة الإصلاح أيضاً على بلورة أسس رصينة لإنتقاء المديرين وتدريبهم لغرض إنجاز أعمالهم على الوجه الأكمل، حيث تشمل هذه الأعمال مهام التخطيط والتنظيم، إضافة الى توجيه العاملين وإنتقائهم ومراقبتهم.
فالمحك الأساسي لقياس قدرات المدير هو مقارنة المُخرجات مع المُدخلات، وهو الأمر الذي يقيس الأداء المُتحقق، كي يُقارن مع المعايير الموضوعة سلفاً. فالمُخرجات من حيث الكم والنوع يجب أن تكون في إطار الأهداف والسياسات والنظم الموضوعة، بينما تتضمن المُدخلات جميع الموارد الداخلة ضمن أنشطة المنظمة من قوى عاملة ومواد وطاقة مُحركة وأبنية وغير ذلك. فمن حيث الأساس، مطلوب من المدير تعظيم المخرجات كماً ونوعاً مماهو مُستخدم من المدخلات، مايعني أن هذه المقارنة هي المقياس الحاسم لمستوى الأداء.
وبعد الخوض في ضرورة وصف الوظائف وصفاً دقيقاً، يتطرق البحث الى تحديد المؤهلات اللازمة لشاغل كل وظيفة. ثم هناك مسألة التقييم الدوري للمديرين والعاملين الآخرين لغرض تصحيح أي إعوجاج ومكافأة أصحاب الأداء الجيد، مع إتخاذ مايلزم بصدد من يكون أداءهم دون المستوى المُقرر، إذ يمكن بهذا الصدد الإستفادة من الإسلوب/العلم الحديث لدراسات الوقت والحركة. ويتداخل كل هذا مع قضايا الأجور والرواتب والحوافز والترقيات، إذ يجب إعتماد سياسات عقلانية ومُنصفة وعملية في هذه المجالات، خدمة لأهداف المؤسسة وحرصاً على معنويات العاملين.
ويقترح هذا البحث أن يجري إصلاح إدارات جهاز الدولة في العراق على نحو تدريجي، بدءاً بدائرة أو منظمة صغيرة تتسم بحسن إدارتها نسبياً، إذ يتم الإصلاح بموجب البنود المشار اليها آنفاً، مثلما تراعى نتائج التجربة شيئاً فشيئاً لغرض تعديل البرنامج بحسب الظروف والضرورات. ولابد من التأكيد هنا على الأهمية القصوى للإسناد من قبل أعلى المستويات السياسية لهذا البرنامج، حيث من المؤكد أن يواجه بعض العراقيل والمعارضة على دربه الشاق و الطويل.
وأخيراً، يجب قياس النتائج على طول الطريق، وذلك لغرض تقدير مدى نجاح البرنامج في كل مرحلة. ففي الحالات التي يبدو فيها النجاح محدوداً أو معدوماً، يجب تحّري الأسباب والعمل على تعديل البرنامج كي تتحقق الغايات المراد بلوغها.

لقراءة المزيد اضغط هنا