منذُ أحداث الحادي عشر من أيلول عام ٢٠٠١ وما زال العالم يواجه عدة تحديات، وأفرزت تلك التحديات بعدة تغيرات في البلدان التي تعرضت لها، وتتمثل هذه التحديات بمستويات مختلفة منها اقتصادية وسياسية وأمنية، ولكن أكثر هذه التحديات تأثيراً على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي هو التحدي الأمني، أو ما يُعرف بظاهرة الإرهاب التي أخذت تتسع شيئاً فشيئاً في العديد من دول العالم، تاركةً أثراً بالغاً يمسّ مجالات الحياة المختلفة، وقد أدّى هذا التحدي أيضاً إلى تغيير السياسات الخارجية لمعظم دول العالم على وفق ما يمليه الموقف الأمني، لتتسع هذه الظاهرة وتتطور بحسب معطيات الواقع السياسي والاقتصادي لتلك البلدان، فضلاً عن تطور أدواته وأساليبه من هدف إلى آخر، ومن بيئة إلى أخرى.
لقد شغلت ظاهرة الإرهاب حيزاً كبيراً في الأوساط الإقليمية والدولية ولاسيما بعد تعدد العمليات الإرهابية وتنوعها من حيث الزمان والمكان، وكذلك الاختلاف من حيث اتجاهات تعريفه، فهناك اتجاه مادي لتعريفه واتجاه موضوعي، فضلاً عن تمييز مصطلح الإرهاب عن المفاهيم الأخرى مثل (العنف السياسي، وحرب العصابات، والكفاح المسلح والجريمة السياسية) التي تقترب منه في التعريف، وتبتعد عنه من حيث الهدف والغاية. وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر بهذه الظاهرة وتعددها، إلا أن المفهوم الشامل لهذه الظاهرة حُدَّ بأنه «استخدام العنف أو التهديد به بأشكاله المختلفة كافة، كالاغتيال، والتسوية، والتعذيب، والتخريب؛ بغية تحقيق هدف سياسي معيّن مثل كسر الروح المعنوية المقاومة، وهدم معنويات الأفراد والمؤسسات كوسيلة للحصول على معلومات، أو مكاسب مادية لإخضاع طرف مناوئ لمشيئة الجهة الإرهابية».
وتركت هذه العمليات أثاراً كبيرة في بنية المجتمعات داخل بلدان الشرق الأوسط بنحوٍ خاص، ومجتمعات دول العالم بنحوٍ عام، واستطاعت في بعض الدول الذهاب نحو تقسيمها مذهبياً وطائفياً وعرقياً وإثنياً؛ من أجل تحقيق هدف هذه الظاهرة المتمثلة بضرب المؤسسات والأفراد للوصول إلى مبتغاه، وأخذت الدول التي تأثرت بهذه الظاهرة تتعامل مع التطورات التي حصلت وما تزال تحصل سواء على مستوى البلدان العربية أو الإقليمية أو على مستوى العالم على حدٍ سواء، وأخذت كذلك على عاتقها القيام بما هو ممكن من أجل تحقيق السلام والاستقرار داخل بلدانها من خلال الدعوة إلى ضرورة مواجهة ظاهرة الإرهاب العالمي الذي أخذ يضرب دولاً مختلفة، والعمل على تنسيق الجهود المشتركة من أجل مكافحة الإرهاب من خلال قاعدة معلومات، وبرامج عمل مشتركة للقضاء عليه بمحاربة الفكر المتطرف الذي أخذ ينتشر، ومواجهة مسبباته ومعالجتها، والعمل على تحقيق أكبر قدر ممكن من التعاون الإقليمي والدولي لحصر هذه الظاهرة والحد من انتشارها؛ وبالتالي إعادة نشر السلام، وتحقيق الأمن والاستقرار في العالم.

لقراءة المزيد اضغط هنا