لقمان عبد الرحيم الفيلي

المقدمــة:

يرتبط العراق واليابان بعلاقات صداقة وتعاون ثنائي منذ شهر تشرين الثاني من العام 1939، الذي شهد افتتاح أول مفوضية يابانية في بغداد، وبعدها بسنوات تم افتتاح مفوضية عراقية في طوكيو في كانون الأول عام 1955، لتستمر بعدها العلاقات بالتطور وصولاً إلى مرحلة تبادل السفراء بين البلدين في كانون الثاني عام 1960. وقد شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين ازدهاراً كبيراً خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي، إذ كانت اليابان تمثّل ثاني أكبر مصدر للعراق بعد ألمانيا الغربية في حينها، وكانت المشاريع اليابانية في مجالات الطاقة، والاتصالات، والبنى التحتية، والإسكان لها بصمة واضحة في العراق منذ ذلك الوقت ولغاية الآن.

استمرت العلاقات الاقتصادية والتجارية بالتطور في الثمانينيات، واستمرت عجلة التعاون الثنائي بالدوران حتى في سنوات الحــرب العراقية-الإيرانية الثمان، ومن ثم جاءت لتأتي حقبة التسعينيات التي مثلّت سنوات من القطيعة في علاقات البلدين، بعد غزو نظام البعث للكويت في آب 1990؛ فقد أبدت اليابان جدية عالية في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالعقوبات الاقتصادية على العراق، إذ تراجعت خلال تلك المدة التعاملات الاقتصادية والتجارية بين البلدين -انعدمت تقريباً- لصرامة الموقف الياباني تجاه العمل الذي أقدم عليه نظام صدام حسين آنذاك.

وإدراكاً لأهمية المرحلة التي يمر بها بلدنا في الوقت الحاضر، واحتياجاته الأساسية خلال مرحلة إعادة الإعمار، فقد ارتأيت إعداد دراسة موجزة لواقع العلاقات مع اليابان، وسبل تطويرها، وصولاً إلى علاقات شراكة استراتيجية طويلة الأمد،  فالعراق الجديد يواجه تحديات حقيقية تتمثل بتأمين المصادر المالية اللازمة لتنفيذ مشاريع إعمار البنى التحتية، وتوفير الخدمات الأساسية من جهة، والنهوض بالواقع الصناعي والعمراني، وبناء اقتصاد رصين من جهة أخرى.

لذا أعددت رؤية واقعية تقوم على الموازنة بين احتياجاتنا الوطنية الملحة من جانب المنافع التي من الممكن أن نجنيها من اليابان على وفق سياسة المصالح المتبادلة، التي كانت الأساس لقيام مشروع الشراكة الاستراتيجية بين العراق واليابان، الذي تم التوقيع على بيانه ببغداد، في شهر كانون الثاني عام 2009، ليكون القاعدة الأساسية لتعاون شامل بين البلدين، إلا أن هذا الاتفاق لم يجد طريقه إلى التطبيق العملي؛ بسبب التعقيدات المحيطة بالملف الأمني والتشريعي والسياسي والاقتصادي في العراق، وعدم وجود رؤية عراقية محددة في رسم حدود سياسته الاقتصادية تجاه اليابان.

ومن الضروري بيان الفوائد التي من الممكن أن يحققها العراق من خلال تبني سياسة مدروسة تجاه بلد يمتلك اقتصاداً قوياً على المستوى العالمي، مدعوماً بقدرات تقنية وخبرات فنية وموارد بشرية ومالية كبيرة، يمكن توظيفها مجتمعة في المهمة الوطنية النبيلة؛ لإعادة بناء العراق، ولاسيما في المجالين الاقتصادي وتنمية الموارد البشرية.

لقراءة المزيد اضغط هنا