back to top
المزيد

    المعارضة النيابية في العراق: مدخل لإصلاح النظام السياسي وتعزيز الأداء البرلماني

    د. علي فارس حميد / أستاذ الاستراتيجية في جامعة النهرين

    مصطفى السراي / مدير الأبحاث في مركز البيان للدراسات والتخطيط

    يشكّل التوافق السياسي في التجربة العراقية معالجةً إجرائيةً لبعض إشكاليات المشاركة النيابية وإدارة التنوع السياسي، إذ يُفترض به أن يحدّ من الاستقطاب ويوفّر بيئة مستقرة لصنع القرار. ووفقاً لروبرت ليبهارت، فإن الديمقراطية التوافقية تمثّل أحد النماذج الاستراتيجية في إدارة الانقسامات المجتمعية والسياسية، من خلال بناء تفاهمات عريضة بين القوى المختلفة لضمان استمرارية النظام السياسي. غير أنّ هذا النمط، على الرغم من مزاياه في المراحل الانتقالية، قد يتحوّل في المدى الطويل إلى عائقٍ أمام الإصلاح السياسي عندما تُقدَّم مقتضيات التوافق على ضرورات الكفاءة والمساءلة، ممّا يؤدي إلى ترسيخ منطق المحاصصة وتقييد ديناميكية الحياة البرلمانية، وهو يمثّل وفقاً لما وصفه ليبهارت مأزقَ الديمقراطية التوافقية حين تتحوّل آلية المشاركة الشاملة من وسيلةٍ لتقاسم السلطة إلى أداةٍ لشلّ عمل المؤسسات بسبب غياب التنافس البرلماني الحقيقي. كما يُعدّ وجود المعارضة السياسية البرلمانية أحد أهم أركان التنافس البرلماني الحقيقي، فغياب المعارضة لا يعني فقط تعطّل المساءلة، بل يؤدي كذلك إلى تآكل الثقة العامة بالمؤسسات وغياب البدائل السياسية القادرة على تجديد النخبة الحاكمة أو دفع الإصلاح.

    تبرز في هذا الجانب أهمية المعارضة النيابية بوصفها أحد المرتكزات الجوهرية لأي نظام ديمقراطي يسعى إلى الإصلاح، إذ تمثل الإطار المؤسسي الذي يتيح إعادة توازن العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتفعيل أدوات الرقابة والمساءلة والمبادرة التشريعية. كما تشكل المعارضة النيابية رافعة لتصحيح مسار العمل الحكومي وتوسيع نطاق المشاركة السياسية، ليس بوصفها نقيضاً للحكم، بل شريكاً رقابياً وإصلاحياً يسهم في بناء الثقة بين المواطن والنظام السياسي، ويحول دون انغلاق المجال العام ضمن دائرة التوافقات النخبوية الضيقة.

    وانطلاقاً من هذه الإشكالية، تسعى هذه الورقة إلى تحليل موقع المعارضة النيابية في البنية السياسية العراقية، واستجلاء حدود دورها في عملية الإصلاح السياسي وإعادة التوازن المؤسسي داخل النظام البرلماني. كما تحاول الإجابة عن مجموعة من التساؤلات الجوهرية، من بينها: إلى أي مدى أسهم نظام التوافق السياسي في تقييد عمل المعارضة النيابية؟ وما السبل الممكنة لتحويلها إلى أداة فاعلة للرقابة والإصلاح بدلاً من كونها ظاهرة هامشية في الحياة البرلمانية؟

    تعتمد الورقة في مقاربتها على منهج تحليلي–مقارن يربط بين التجربة العراقية وتجارب دول أخرى واجهت تحديات مشابهة، بغية بلورة خيارات سياساتية عملية يمكن أن تعزز من مكانة المعارضة النيابية كمقدمة ضرورية لأي مسار إصلاحي مستدام في العراق.

     

    لقراءة المزيد اضغط هنا