هيام علي المرهج / باحثة في مركز البيان _ وحدة دراسات المرأة
يُعد التوجّه الانتخابي للنساء في العراق أحد المؤشرات الجوهرية على طبيعة التحول الديمقراطي ومدى ترسخ مبادئ المشاركة السياسية في المجتمع العراقي بعد عام 2003. فالانتخابات ليست مجرد عملية إجرائية لتداول السلطة، بل هي أداة لقياس درجة الثقة بين المواطن والمؤسسات السياسية، ومجال لتجسيد الوعي الجمعي بحقوق المواطنة والمساواة. وفي هذا الإطار، تكتسب مشاركة النساء وزناً مضاعفاً، إذ تمثل معياراً دقيقاً لمدى فاعلية النظام الديمقراطي في استيعاب الفئات التي كانت تاريخياً مهمشة في صنع القرار العام.
وعلى الرغم من أن النظام الانتخابي العراقي أتاح للنساء مساحة قانونية للمشاركة من خلال نظام الكوتا بنسبة 25%، إلا أن الممارسة الواقعية تكشف عن فجوةٍ بين التمثيل العددي والتمكين الفعلي. فحضور النساء في المشهد الانتخابي ما زال متأثّراً بعوامل بنيوية وثقافية وسياسية متشابكة، تشمل ضعف الثقة بالعملية السياسية، وهيمنة النخب التقليدية، والقيود الاجتماعية التي تحدّ من استقلالية القرار الانتخابي للمرأة. وتُعد هذه العوامل مدخلاً تحليلياً ضرورياً لدراسة التوجّه الانتخابي للنساء وفهم طبيعة العلاقة بين المرأة والسياسة في العراق.
تسعى هذه الورقة إلى تحليل أنماط المشاركة النسائية في الانتخابات البرلمانية، والكشف عن المحدّدات التي تُشكل قرارات التصويت أو العزوف، استناداً إلى استبيانٍ ميداني يتناول الدوافع والمعوقات والتصورات الاجتماعية المرتبطة بالعملية الانتخابية. كما تحاول الورقة تقديم قراءةٍ معمّقة في إدراك النساء لجدوى التصويت، ولموقع الكفاءة والنزاهة في خياراتهن الانتخابية، إضافةً إلى تحليل تأثير المتغيرات الديموغرافية والتعليمية والاقتصادية على هذه التوجهات.




