نبيل خالد مخلف / باحث سياسي
يُعدّ العزوفُ الانتخابي من أبرز الظواهر السياسية والاجتماعية التي تواجه الأنظمةَ الديمقراطيةَ الحديثة، إذ يعكس مدى تراجعِ ثقةِ المواطنين بالمؤسسات السياسية والعملية الانتخابية كأداةٍ للتغيير والإصلاح. وفي السياق العراقي، تزايدت مؤشراتُ العزوفِ عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية خلال الدورات السابقة، الأمرُ الذي يطرح تساؤلاتٍ عميقةً حول أسباب هذا التراجع وتداعياته على مستقبل النظام الديمقراطي الناشئ في العراق. فبعد مرور أكثر من عقدين على التحول السياسي في العراق، لا يزال المواطنُ العراقي يعيش حالةً من التردد واللامبالاة تجاه الانتخابات، نتيجةَ تراكم الإحباطات السياسية، وتراجع الأداء الحكومي، واستمرار الأزمات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي انعكست سلباً على الثقة الشعبية. كما ساهم انتشارُ الفساد، وضعفُ الخدمات العامة، وغيابُ العدالة الاجتماعية في تعزيز مشاعر الاغتراب السياسي لدى شرائح واسعة من المجتمع، وخاصةً فئة الشباب التي تشكل النسبةَ الأكبر من السكان.
ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، تتصاعد المخاوف من استمرار أو تفاقم هذه الظاهرة، بما قد يهدد شرعية العملية الديمقراطية ويمسّ مبدأ التمثيل الشعبي الحقيقي. ومن هنا تبرز أهمية هذا القراءة في تحليل ظاهرة العزوف الانتخابي في العراق، من خلال دراسة أسبابها المباشرة وغير المباشرة، وانعكاساتها على الواقع السياسي والاجتماعي.




