د. شهد غالب الربيعي/باحثة
شهدت الساحة الانتخابية العراقية في الدورات الأخيرة ظاهرة متنامية يمكن وصفها بـ “الإفراط الدعائي”، إذ تحولت الحملات الانتخابية من وسيلة للتواصل مع الناخبين إلى سباق محموم لاستعراض الصور والشعارات والملصقات. في المدن العراقية، تُغرق الشوارع بآلاف اللافتات التي تحمل وجوه المرشحين، فيما تتكرر الرسائل ذاتها عبر القنوات التلفزيونية والمنصّات الرقمية دون مضمون جديد أو برنامج فعلي يعبر عن رؤية سياسية متكاملة. ولم تؤدِ هذه الظاهرة إلى زيادة الإقبال الانتخابي كما يأمل القائمون على الحملات، بل ساهمت في خلق حالة من النفور الجماهيري وفقدان الثقة بالعملية الانتخابية، حيث بات الناخب ينظر إلى الحملات بوصفها “عرضاً شكلياً” أكثر من كونها وسيلة للتأثير أو الحوار السياسي.
يمكن تحديد الإشكالية الأساسية للورقة بالسؤال الآتي:
هل يسهم الإفراط في الدعاية الانتخابية العراقية في تعزيز التأثير السياسي للمرشحين، أم يؤدي إلى تآكل الثقة بين الناخبين والعملية الديمقراطية؟ وتتفرّع عن هذا التساؤل مجموعة من الأسئلة الفرعية: ما حدود العلاقة بين حجم الدعاية وفعالية الإقناع الانتخابي؟ كيف تحوّلت الحملات من وسيلة تواصل إلى أداة استعراض؟ وما العوامل التي جعلت الناخب العراقي أكثر حساسية تجاه المبالغة في الخطاب والصورة الانتخابية؟




