د. هاشم عبد المطلب محسن /باحث
ارتبط التنظير في حقل العلاقات الدولية منذ نشأته بالهيمنة الفكرية الغربية، التي تأسست على التفوق المادي والاقتصادي والعسكري للقوى الغربية. غير أنّ هذه الهيمنة الفكرية بدأت تواجه تحديات متزايدة مع صعود قوى غير غربية تسعى إلى صياغة نظريات بديلة تعكس خصوصياتها الحضارية والقيمية والتاريخية. وفي هذا السياق، جاء التنظير الصيني متزامناً مع صعود الصين كقوة اقتصادية وسياسية ذات توجه تعديلي في النظام الدولي، ليقدّم تصوراً مغايراً لطبيعة النظام الدولي وللقيم التي ينبغي أن تسود فيه.
وتتمحور إشكالية هذا البحث حول محاولة الإجابة عن سؤالين رئيسين: كيف تسهم الطروحات الصينية في العلاقات الدولية في تحدي الهيمنة الغربية على هذا الحقل؟ وما الإضافات والانتقادات التي طالت هذه الطروحات في ظل التحولات الجارية في بنية النظام الدولي؟
وقد تزامن التنظير الصيني مع الصعود الصيني كقوة اقتصادية وسياسية تعديلية في النظام الدولي، عاكساً تصوراً مختلفاً عن طبيعة النظام الدولي والقيم التي يتوجب أن تسود فيه. وتتلخص إشكالية بحثنا هذا في محاولة الإجابة عن كيفية مساهمة الطروحات الصينية في العلاقات الدولية في تحدي الهيمنة الغربية على الحقل، وما الإضافات التي جاءت بها هذه الطروحات، والانتقادات التي وُجهت إليها في ظل التحولات الدولية الراهنة.
وتنبع أهمية البحث من أن تحليل أسس التنظير الصيني سيسهم في تقديم توقعات أكثر استنارة عن تصرفات الصين في الصراع الجاري، وتعزيز فهم أفضل وأكثر توازناً وتعددية للنظام الدولي الذي يمر بمرحلة تحول وتوزيع جديد للأدوار.




