د. صابرين ستار جبار/باحثة
يُعدّ النظام البرلماني من أكثر النُظم انتشاراً في دول العالم، وأكثرها تحقيقاً لمبادئ الديمقراطية. وتُشكّل الهيئة التشريعية في النظم البرلمانية إحدى المؤسسات الرسمية الأساسية في بناء الديمقراطية، وتجديد الحياة السياسية وتنميتها، باعتبارها المعبّر عن إرادة الشعب، والممثلة لمصالحه، والحارسة لحقوقه وحرياته.
كما تُعدّ الهيئة القادرة على امتصاص التوجهات الجديدة في المجتمع واحتوائها، ومعاينة الأولويات الوطنية والحاجات الناتجة عن التطور والتغيير في بنية المجتمع. وفيما يتعلق بموضوع هذه الورقة، والمتمثل في تقييم الأداء البرلماني العراقي في دورته النيابية الخامسة، من الضروري التمهيد بعرض موجز لتطور الحياة النيابية في العراق، مع بيان طبيعة عمل المؤسسة التشريعية بعد عام 2003، وهو ما سيتم تناوله في ثنايا هذه الورقة.
لقد تميزت عملية التحول الديمقراطي في العراق بظروف معقدة، كان لها تأثير كبير على تطور الممارسات الديمقراطية، سواء من حيث المشاركة الشعبية أو النيابية. فقد ساهمت التهديدات الإرهابية من جهة، والمتغيرات الخارجية، لاسيّما الإقليمية منها، في إضعاف فاعلية مؤسسات الدولة.
ورغم ذلك، فقد أظهرت بعض الدورات النيابية مؤشرات متقدمة في مجالي التشريع والرقابة وممارسة الاختصاصات الدستورية، وخصوصاً الدورة النيابية الثانية التي شهدت تشريع نحو 215 قانوناً، مقارنة بالدورة النيابية الخامسة التي لم يُشرّع فيها سوى 48 قانوناً، رغم وجود العديد من القوانين المؤجلة والخلافية التي لا تزال بحاجة إلى تشريع. وعلى صعيد آخر، فقد شهدت المهام الرقابية للمجلس تراجعاً ملحوظاً، وهو ما يفرض الحاجة إلى تحليل الفجوة التشريعية والرقابية، وفهم أبرز الأسباب التي تقف وراء تراجع أداء المجلس في ممارسة مهامه الدستورية.




