مقدمة

مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات المنتظرة التي من المتوقع أن تجري قبل نهاية العام الحالي، بدأ المرشحون في الكشف عن أنفسهم من خلال الأدوات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمتلكونها. وعلى الرغم من عدم انطلاق الحملة الانتخابية بشكل رسمي، إلا أن الشوارع ومواقع التواصل الاجتماعي بدأت تتداول مظاهر غير مباشرة للدعاية الانتخابية لبعض الاحزاب والمرشحين بهدف تحقيق أكبر قدر من المكاسب عن طريق استخدام أدوات عديدة، من بينها الوعود والعبارات والهاشتاكات الجاذبة التي تهدف إلى اقناع الناخبين بفوز بعض المرشحين دون غيرهم مهما كانت الظروف في يوم الاقتراع. وهذا بهدف دفع المصوتين نحو ما يُعرف بـ «التصويت المجدي» أو «التصويت المفيد» الذي يعني اقناع الناخب بمنح صوته للمرشح الذي لديه حظوظ أكبر للفوز بدلاً عن هدر هذا الصوت في حال منحه لمرشح خاسر.

التصويت المجدي يمكن أن يمثل عقبة كبيرة أمام بعض المرشحين الجدد الذين لا يمتلكون أدوات مناسبة والخبرة السابقة للتعامل مع ملف الانتخابات، مما يتطلب جهداً كبيراً من المرشحين لإقناع الناخبين بأن التصويت المجدي الذي يمنح الأصوات للمرشح الاكثر حظوظاً في الفوز لا يمكن أن يكون هو الحل دائماً.

واقعياً ووفقاً للمعطيات الحالية، فإن نسبة غير قليلة من الناخبين العراقيين مقتنعين بالمقولة الشهيرة «هو فايز فايز» التي يجري تداولها قبل كل انتخابات، والتي تشير إلى أن مرشحين محددين سيفوزون في الانتخابات، ومن يريد الحفاظ على صوته من الهدر، فعليه التصويت لأحدهم. ولكن ذلك لا يعني أن على المرشحين الآخرين التسليم بقوة المنافسين، لأن العملية الانتخابية قائمة على أساس التنافس الديمقراطي عن طريق صندوق الاقتراع الذي سيكون هو الفاصل في تحديد هوية الفائزين.

اولاً: النظم الانتخابية والتصويت المجدي

إن العلاقة بين طبيعة النظام الانتخابي والتصويت المجدي وثيقة، بل أن النظام الانتخابي يفرض احياناً وجود فرصة للتصويت المجدي من عدمه، ففي نظام الصوت الواحد غير المتحول الذي تم تطبيقه في العراق عام 2021 في الدوائر المتعددة، لم تكن هناك أهمية تذكر للتصويت المجدي على الرغم من وجوده. لأن اغلب المرشحين كانت لديهم فرص جيدة للفوز في الدوائر الانتخابية الصغيرة.

 بينما يتوقع أن يفرض التصويت المفيد نفسه في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة بسبب الانتقال إلى نظام التمثيل النسبي بالية سانت ليغو. هذا النظام يتطلب وجود قوائم انتخابية قوية ومرشحين أقوياء داخل هذه القوائم، مما يجعل الانظار تتجه نحو قوائم محددة ومرشحين معينين للفوز، وهو أمر قد يؤدي إلى انتفاعهم من التصويت المجدي الذي يضاعف أصوات كبار المرشحين بخلاف المرشحين الفرديين أو أولئك الذين يتبعون أحزاباً او تحالفات صغيرة الذين لا يستفيدون غالباً من التصويت المفيد.

ويختلف التصويت المجدي أو التصويت المفيد من نظام انتخابي إلى آخر، ففي نظام الأغلبية غالباً تتجه الانظار نحو المرشح الذي يتوقع أن يحصل على أكثر عدد من الاصوات لأن فرصته في الفوز أكبر من الآخرين، وكثيراً ما تلعب استطلاعات الرأي دوراً مهماً في هذه الحالة، أي أن الناخبين يفكرون بانتخاب المرشح الذي تصدر الاستطلاعات لضمان عدم ضياع اصواتهم وهذا ما يفسر وجود مرشح في دائرة انتخابية منفردة يحصل على اصوات تفوق ما حصل عليه باقي المرشحين مجتمعين، ويرى دعاة التصويت المجدي في نظام الاغلبية أنه يحث الناخبين على التركيز وعدم التشتت الذي قد يؤدي إلى هدر الاصوات، مما يكفل للناخب قدرة أكبر على التفكير في المرشح الأكثر كفاءة من غيره ويساعده ذلك على استخدام صوته بطريقة مفيدة. من منطلق أن اختياره سوف يكون قاطعاً وفاصلاً، وفي نفس الوقت يشجع المرشحين للسعي الجدي للحصول على أكبر عدد من الاصوات.

لقراءة المزيد اضغط هنا