د. علي مهدي – نائب رئيس مركز بغداد للتنمية القانونية والاقتصادية
حدد الدستور العراقي لسنة 2005 تكوين السلطة التشريعية بمجلس النواب ومجلس الاتحاد، وهو المعمول به لدى معظم الدول الاتحادية في العالم، حيث يمثل مجلس النواب عامة الشعب والمجلس الاتحادي يمثل مصالح الأقاليم أو المحافظات، وتختلف طرق تكوين كل منهما وإجراءات عملهما وصلاحياتهما حسب ظروف كل دولة.
كان على مجلس النواب وحسب الوثيقة الدستورية أن يصدر قانون المجلس الاتحادي بعد دورته الأولى، لكنه لم يستطع الإيفاء بالالتزام بالنص الدستوري طوال تلك الفترة من خلال تعطيله تشريع القانون والذي يشكل مخالفة لواجباته وكذلك عدم تصدي المحكمة الاتحادية العليا من خلال الايعاز الى مجلس النواب بتشريع القانون.
تتشكل السلطة التشريعية في العديد من دول العالم من مجلسين بغض النظر أن كانت دولة موحدة أم اتحادية (بسيطة أو مركبة)، وأصبح في الدول الاتحادية أن يكون هناك مجلسين منذ تشكل الولايات الامريكية سنة 1789 كأول دول اتحادية في العالم، وهذا ما أخذت به الجمعية الوطنية التي أعدت الدستور العراقي، لكن ما يؤخذ عليها، وهي السلطة المؤسسة التي من مهامها أن تحدد السلطات العامة والعلاقات فيما بينها وصلاحيات كل منها، فقد جنحت عن هذا المبدأ العام والذي يعرف بالثنائية البرلمانية عندما  تعاملت بشكل غير متوازن بين جناحي السلطة التشريعية حيث اعتمدت على المنهج التفصيلي لأحكام مجلس النواب  و تغافلت عن ذكر الأحكام التفصيلية لمجلس الاتحاد، أناطت تشكيل مجلس الاتحاد بقانون يصدر عن مجلس النواب الذي من المفترض ان يكون بموازاته، ومن هذا الاختلال المؤسسي تتضح مدى الإشكاليات والصعوبات التي ستكون أمام المشرعين عند صياغة قانون مجلس الاتحاد حيث هناك مخاوف جدية من تقاطع صلاحيات كل منهما وبالأخص أن أغلب الصلاحيات قد استحوذ عليها مجلس النواب والذي ليس من السهولة أن يتنازل أعضائه عن عدد منها.
طُرحت خلال الفترة السابقة عدد من المقترحات بخصوص ملئ هذا الفراغ التشريعي، فتم إعداد أول صياغة للمجلس الاتحادي من خلال لجنة التعديل الدستوري المشكلة في الدورة الأولى لمجلس النواب والتي أنجزت مهامها يوم 22 تموز 2009 والتي لم يؤخذ بها حيث تنصلت القوى السياسية بالوفاء بوعدها بإجراء التعديل الدستوري خلال السقف الزمني المحدد، وبعد ذلك تم تقديم مشروع قانون من قبل رئيس الجمهورية السيد فؤاد معصوم وقد اعتمد في صياغته على مسودة لجنة التعديل الدستوري مع بعض التغييرات الطفيفة، وتمت القراءة الأولى له بتاريخ 22 أيلول 2014، وأيضا لم يتم استكمال الإجراءات التشريعية له، وعلى ضوء الاتفاق بين قوى تحالف إدارة الدولة الذي تشكلت بموجبه الوزارة الحالية، أرسلت اللجنة القانونية للمجلس بتاريخ 21 أيار 2023  مشروع قانون مجلس الاتحاد إلى رئاسة المجلس لإدراجه على جدول أعمال المجلس القراءة الأولى. ومن هذا يتبين أننا سنشهد نقاشات جدية حول هذه المسودة التي يجب أن تحظى بنقاش عام تشارك به كل القوى السياسية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث والشخصيات الوطنية والقانونية وكل من يعنيهم نجاح المسار الديمقراطي الاتحادي لبنية الدولة العراقية.
وستعتمد هذه الورقة على الاتجاهات العامة المعمول به في مختلف الدولة الاتحادية، وكذلك الصيغة المقدمة من قبل لجنة تعديل الدستوري العراقي، وأيضاً المسودة المُقدمة إلى مجلس النواب، لغرض تسهيل مهمة المشاركين في النقاش لاختيار الصياغات الأمثل.

لقراءة المزيد اضغط هنا