يوسف علاء: باحث
المقدمة
تواجه الأمم بعد الحروب التي تخوضها عدداً من التحديات، يرتبط بعضها بالأسئلة القيمية التي دعتهم إلى تلك الحرب وأسبابها، إلا أنَّ مواجهة تحدي العائدين من الحرب بظروفهم النفسية والاجتماعية تبرز كنصر مهم يجب معالجته، خصوصاً مع أولئك العائدين، وقد تركوا وراءَهم دماءَهم وأجزاء من أجسادهم، تذكِّرهم دوماً بتلك الحرب وتفصيلاتها، ولحظات إصاباتهم، فضلاً عن ظروفهم الاجتماعية والنفسية التي رافقت ذلك الفقدان، وأهدافهم التي ربما تتغيَّر مع الوضع الجديد.
دخل العراق في الحرب لمواجهة داعش، والجماعة الإرهابية التي سيطرت على أراض واسعة من العراق، وأصابت مرافق أمنية مهمة، مثل: الجيش، والشرطة بالصدمة في كيفية التعاطي مع تلك الجماعات، فبرزت الحاجة إلى تعزيزها من المواطنين المؤمنين بتلك الحرب، ليقدِّموا بصورة جريئة لمواجهة تقدُّم تلك الجماعات، فكان لا بدَّ من أن تكون لتلك الحرب قدسية عالية لدفع المواطنين إلى التطوع، فأصدرت المرجعية الدينية في النجف الأشرف المتمثلة بآية الله السيد علي السيستاني فتوى تدعو المواطنين إلى التطوع والدفاع عن الوطن، وكانت تلك البذرة التي دفعت المواطنين إلى القتال بصورة مختلفة، وتغيير موازين الحرب، هبَّ المواطنون من الفئات المهمشة والمحرومة من الذين يؤمنون بقدسية تلك الحرب.
عملت على إجراء مقابلات وتحليلها لتلك الفئة التي خاضت الحرب بعد الفتوى، والتي سُمِّيَت فيما بعد بالحشد الشعبي، وأصبحت قوة نظامية تابعة إلى الدولة العراقية بقانون شُرِّعَ في البرلمان عام 2016.
قدمت هيئة الحشد الشعبي عدداً من الشهداء والجرحى من قادتها ومقاتليها، إذ بلغ عدد الشهداء (7000) شهيداً، أمَّا الجرحى بلغ عددهم 25000 ألف جريح. تحاول هذه الدراسة مناقشة الأوضاع الاجتماعية للجرحى، والتغيرات التي حدثت لهم قبل وبعد الإصابة، ومدى التزام الدولة بتوفير مستلزمات الرعاية الطبية والصحية، فضلاً عن رؤيتهم للحشد الشعبي على المدى البعيد؟ وشملت الدراسة (جرحى قوات الحشد الشعبي) في محافظة بغداد، وديالى، والبصرة، وقد اقتصرت المقابلات على (17) جريحاً اُخْتِيروا بطريقة قصدية، من مستويات تعليمية متنوعة، وإصابات مختلفة، ويبيِّن الجدول في أدناه توزيع عينة الدراسة وَفْق متغير العمر، والمستوى التعليمي، ومكان السكن، والحالة الاجتماعية، ونوع الإصابة.

لقراءة المزيد اضغط هنا