نبيل جبار العلي التميمي – باحث
المقدمة :
يقع العراق في قلب بيئة إقليمية معقَّدة من الاختلافات والتقاطعات الثقافية،  والدينية، والسياسية، ممَّا جعله في موضع أن يكون ساحةً للتصفيات السياسية الدولية والإقليمية على مدى عقود كثيرة. عاد مشهد الصراع على أراضيه مجدَّداً وبصورة جلية في الفترة التي أعقبت إزاحة النظام السياسي بعد 2003، لما اتسمت به تلك الفترة من هشاشة في دور الدولة العراقية في فرض الأمن؛ نتيجة الانتقال السياسي، أو اقتصار دور الدولة في حماية المجتمع من تعرِّضه للأفكار والمعتقدات المحظورة، التي بدأت تشقُّ طريقها في المجتمعات العراقية مخلِّفة كثيراً من نزعات الإرهاب، أو الولاءات للخارج على حساب المصالح الوطنية، فَقَدَ فيها العراق مقوِّمات أمنه الداخلي القوميّ.
وكما أسلفنا سابقاً بارتباط الصراعات الإقليمية بالتقاطعات الثقافية، والدينية، والسياسية، ومن غير المستبعد أن تكون للمصالح الاقتصادية الإقليمية والدولية وتضاربها دوراً ومساهمةً في عدم الرغبة باستقرار العراق؛ تلبيةً للمصالح الإقليمية التي ترغب ببقاء العراق عاجزاً اقتصادياً ومستهلكاً غير منتج.
يتناول البحث -بإيجاز- إمكانية أن يستخدم العراق أدواته وموارده الاقتصادية (القدرات والمحدِّدات) في مدى إمكانية أن ينهضَ العراق بدورٍ مؤثرٍ في الساحة الإقليمية والدولية، ومساهم في برامج تلاقي المصالح الإقليمية والدولية بل تضاربها،  لتنعكس كمساهمات لاستقرار أمنه القوميّ الداخلي، خصوصاً في هذه المرحلة التاريخية من العالم المتأثِّرة بالصراعات الدولية على إثر الحرب الروسية- الأوكرانية، وتداعياتها على إمدادات الطاقة والغذاء، ولِما للعراق من أهمية في إنتاج الطاقة؛ بوصفه مصدراً مهماً لإنتاج النفط، ويقارب إنتاجه (5%) من الإنتاج العالميّ.
أولاً: القدرات الاقتصادية للعراق
النفط
يحتلُّ العراق المرتبة الخامسة عالمياً في الاحتياطات النفطية المؤكَّدة، بحدود (140) مليار برميل، وهناك بيانات أخرى تُشير إلى أنَّ الاحتياطات العراقية قد تكون أعلى بكثير، وقد تصل إلى (300) مليار برميل، إذا أُضيفت كثير من الرقع الاستكشافية في مناطق متفرقة من العراق، فضلاً عن احتياطات منطقة كردستان.
تبلغ نسبة الاحتياطات النفطية العراقية المؤكَّدة بحدود (8%) من احتياطات النفط العالمي البالغة 1,779 مليار برميل حسب معهد البترول الأمريكي، إذ إنَّ إنتاجه النفطي قد يبدو منخفضاً مقارنةً بحجم الاحتياطات، إذ يبلغ إنتاجه التصديري اليوم بحدود (3.35) مليون برميل (ما عدا إقليم كردستان)؛ أي: تقارب قدرته السنوية (1.25) مليار برميل سنوياً، وهي لا تتناسب عملياً مع الاحتياطات النفطية التي يمتلكها، وعمر استخدام النفط والوقود الأحفوري المقدَّر بـ(30–40) سنة.

لقراءة المزيد اضغط هنا